مُقَدِّمَةٌ
بِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
الْحَمْدُ للهِ خَالِقِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ، الْوَاحِدِ الْعَزِيزِ الْقَهَّارِ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ
عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى الْمُخْتَارِ وَعَلَى ءَالِهِ
وَأَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ، وَبَعْدُ فَهَذَا مُؤَلَّفٌ أُلِّفَ لِتَعْلِيمِ
الْمُسْلِمِ مَا يَنْبَغِي قَوْلُهُ مِنْ بَعْضِ الأَذْكَارِ الْوَارِدَةِ عَنِ
النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ فَضْلَ
الذِّكْرِ عَظِيمٌ فَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْءَانِ الْكَريِمِ ءَايَاتٌ كَثِيرَةٌ
تَحُثُّ عَلَيْهِ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاذْكُر
رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ﴾. [سُورَةَ ءَالِ
عِمْرَانَ/41]، ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾
[سُورَةَ
الإِنْسَانِ/25]، ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ
اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾. [سُورَةَ الأَحْزَابِ/35]،
وَالأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا كَثِيرَةٌ.
وَإِنَّنَا نَسْأَلُ اللهَ أَنْ
يَجْعَلَ عَمَلَنَا هَذَا مَقْبُولاً إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ.
بَابُ جَامِعِ الدَّعَوَاتِ
رَوَى الْبَيْهَقِيُّ
وَالْحَاكِمُ عَنْ رَبِيعَةَ بنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "أَلِظُّوا بِيَاذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ".
أَيِ الْزَمُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ وَأَكْثِرُوا مِنْهَا.
وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا، وَذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ
أَيْ أَنَّ اللهَ مُسْتَحِقٌّ أَنْ يُجَلَّ فَلاَ يُجْحَدَ وَلاَ يُكْفَرَ بِهِ
وَهُوَ الْمُكْرِمُ أَهْلَ وِلاَيَتِهِ بِالْفَوْزِ وَالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ
وَالإِكْرَامِ﴾ [سُورَةَ الرَّحْمٰنِ].
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي
الأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِرَجُلٍ وَهُوَ يَقُولُ: يَاذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ، فَقَالَ: "قَدِ اسْتُجِيبَ لَكَ فَسَلْ".
وَرَوَى النَّسَائِيُّ
وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو: "يَا
حَيُّ يَا قَيُّومُ". الْقَيُّومُ أَيِ
الدَّائِمُ، الْقَيَّامُ بِتَدْبِيرِ خَلْقِهِ، وَقِيلَ الدَّائِمُ الَّذِي لاَ
يَزُولُ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي
الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ". اللَّهُمَّ ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً أَيْ عَمَلاً صَالِحًا
وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً أَيِ ارْزُقْنَا الْجَنَّةَ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي
أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى". التَّعَفُّفُ هُوَ التَّنَزُّهُ عَنِ السُّؤَالِ وَالْغِنَى
هُنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ غِنَى النَّفْسِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ
طَارِقِ بنِ أَشْيَمَ الأَشْجَعِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ
إِذَا أَسْلَمَ عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاَةَ
ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي وَعَافِنِي
وَارْزُقْنِي".
وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ
يَا مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ".
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ:
"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي
وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ
لِي جِدِّي وَهَزْلِي وَخَطَئِي وَعَمْدِي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي، اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ
وَمَا أََنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ
وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ". الْمُقَدِّمُ
وَالْمُؤَخِّرُ هُوَ الْمُنْزِلُ لِلأَشْيَاءِ مَنَازِلَهَا، يُقَدِّمُ مَا
يَشَاءُ مِنْهَا وَيُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ بِحِكْمَتِهِ، رَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: "أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ".
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَلِيٍّ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"قُلِ اللَّهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي"،
وَفِي رِوَايَةٍ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ
الْهُدَى وَالسَّدَادَ". السَّدَادُ
بِالْفَتْحِ الصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ
أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ
الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي ءَاخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي،
وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ
رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ". الْعِصْمَةُ الْمَنْعُ
وَالْعِصْمَةُ الْحِفْظُ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنْ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي
أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ
الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ
كُفُوًا أَحَدٌ، فَقَالَ: "لَقَدْ سَأَلْتَ
اللهَ تَعَالَى بِالاِسْمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ
أَجَابَ". وَفِي رِوَايَةٍ: "لَقَدْ
سَأَلْتَ اللهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ".
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ
لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ ءَامَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ،
وَبِكَ خَاصَمْتُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ
أَنْ تُضِلَّنِي، أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ
يَمُوتُونَ". أَنَبْتُ أيْ رَجَعْتُ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ
وَغَيْرُهُ عَنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْوَةُ
ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا رَبَّهُ وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: لاَ إِلهَ إِلاَّ
أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ
بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَىْءٍ قَطُّ إِلاَّ اسْتَجَابَ لَهُ". ذُو النُّونِ هُوَ سَيِّدُنَا
يُونُسُ بنُ مَتَّى عَلَيْهِ السَّلاَمُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ
ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ
أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾.
[سُورَةَ الأَنْبِيَاءِ]. وَمَعْنَى فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ أَيْ
فَظَنَّ أَنْ لَنْ نُضَيِّقَ عَلَيْهِ.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَه وَأَحْمَدُ عَنْ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لَهَا: "قُولِي: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ
مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَءَاجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ
أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَءَاجِلِهِ مَا
عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ
عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعُوذُ بِكَ
مِنَ شَّرِّ ما عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَأَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ
عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ
عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا".
وَالْقَضَاءُ مَعْنَاهُ الْخَلْقُ وَلَيْسَ قَضَاءُ
اللهِ تَعَالَى حَادِثًا وَإِنَّمَا نَقُولُ تَخْلِيقُ اللهِ أَزَلِيٌّ
وَالْمَخْلُوقُ حَادِثٌ.
بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالدُّعَاءِ
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾. [سُورَةَ غَافِر/60]. وَمَعْنَى هَذِهِ الآيَةِ أَطِيعُونِي أُثِبْكُمْ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَغَيْرُهُ عَنِ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الدُّعَاءُ
هُوَ الْعِبَادَةُ، قَالَ رَبُّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾. الآيَةَ". وَالْعِبَادَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنَاهَا
الْحَسَنَاتُ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ
وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ
يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ.
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ
وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى
اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: "أَنْ تَمُوتَ
وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ".
وَرَوَى ابْنُ مَاجَه
وَأَحْمَدُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهِ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلاَ
أُنْبِئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيٍْر
لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ
تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ وَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ"،
قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ: "ذِكْرُ
اللهِ عَزَّ وَجَلَّ". وَالْمُرَادُ
بِذِكْرِ اللهِ هُنَا الصَّلاَةُ.
وَرَوَى أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا
اجْتَمَعَ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ تَعَالَى إِلاَّ حَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ،
وَتَغَشَّتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ
اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَنْ عِنْدَهُ". غَشَّى
أَيْ غَطَّى وَالسَّكِينَةُ هِيَ الْوَقَارُ.
بَابٌ فِي فَضْلِ قَوْلِ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ
عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ مَاتَ وَفِي
قَلْبِهِ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ مُوقِنًا دَخَلَ الْجَنَّةَ".
رَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَابْنُ
أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ
الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا
كَانَ مِنَ الْعَمَلِ". وَمَعْنَى
قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ" أَنَّ
الْمَسِيحَ بِشَارَةُ اللهِ لِمَرْيَمَ فَإِنَّ الْمَلَكَ جِبْرِيلَ بَشَّرَهَا
بِهِ، قَالَ لَهَا أَنَا رَسُولٌ مِنَ اللهِ لأُِعْطِيَكِ غُلاَمًا زَكِيًّا أَيْ
طَيِّبًا، وَقَوْلُهُ "وَرُوحٌ
مِنْهُ" مَعْنَاهُ أَنَّ رُوحَ الْمَسِيحِ رُوحٌ
صَادِرَةٌ مِنَ اللهِ خَلْقًا وَتَكْوِينًا، أَيْ رُوحُهُ رُوحٌ مُشَرَّفٌ كَريِمٌ
عَلَى اللهِ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ
وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
"أَفْضَلُ الْكَلاَمِ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ،
وَأَفْضَلُ الذِّكْرِ الْحَمْدُ للهِ". قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ
حَجَرٍ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
بَابٌ فِي فَضْلِ قَوْلِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ
رَوَى أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ
عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ
فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: "مُرْ أُمَّتَكَ
فَلْيُكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِ الْجَنَّةِ فَإِنَّ تُرْبَتَهَا طَيِّبَةٌ
وَأَرْضَهَا وَاسِعَةٌ، قَالَ: "وَمَا غِرَاسُ الْجَنَّةِ؟"، قَالَ: لاَ
حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ" قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ:
حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: "يَا
عَبْدَ اللهِ بنَ قَيْسٍ، أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كُنُوزِ
الْجَنَّةِ، قُلْ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ". وَمَعْنَى لاَ حَوْلَ
وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ: لاَ حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ إِلاَّ
بِعِصْمَةِ اللهِ وَلاَ قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ إِلاَّ بِعَوْنِ اللهِ.
بَابٌ فِي فَضْلِ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ
رَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ
الْكَلاَمِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: "مَا اصْطَفَاهُ اللهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ سُبْحَانَ اللهِ
وَبِحَمْدِهِ". مَعْنَاهُ بَعْدَ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، يَدُلُّ
عَلَى ذَلِكَ عِدَّةُ أَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُ: "أَحْسَنُ الْحَسَنَاتِ
لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ".
وَرَوَى النَّسَائِيُّ فِي
عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالاَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ
اللهَ عَزَّ وَجَلَّ اصْطَفَى مِنَ الْكَلاَمِ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ
للهِ، وَلاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ
سُبْحَانَ اللهِ كَتَبَ اللهُ تَعَالَى لَهُ عِشْرِينَ حَسَنَةً، وَإِذَا قَالَ
لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا قَالَ اللهُ أَكْبَرُ فَمِثْلَ
ذَلِكَ، وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ قِبَلِ
نَفْسِهِ كُتِبَتْ لَهُ ثَلاَثُونَ حَسَنَةً وَحُطَّتْ عَنْهُ ثَلاَثُونَ
سَيِّئَةً". وَحُطَّتْ عَنْهُ أَيْ
نَزَلَتْ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾، أَيْ حُطَّ عَنَّا
أَوْزَارَنَا وَقِيلَ هِيَ كَلِمَةٌ أُمِرَ بِهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَوْ
قَالُوهَا لَحَطَّتْ أَوْزَارُهُمْ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ
مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ".
الزَّبَدُ بِفَتْحَتَيْنِ مِنَ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ
كَالرَّغْوَةِ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ
فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى ٱلرَّحْمٰنِ عَزَّ وَجَلَّ: سُبْحَانَ اللهِ
وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ".
وَرَوَى مُسْلِمٌ
وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيَعْجِزُ
أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ فِي الْيَوْمِ أَلْفَ حَسَنَةٍ، قَالُوا: وَمَنْ
يُطِيقُ ذَلِكَ؟، قَالَ: يُسَبِّحُ مِائَةَ
تَسْبِيحَةٍ فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ وَيُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ سَيِّئَةٍ".
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجَوَامِعِ مِنَ التَّسْبِيحِ
رَوَى مُسْلِمٌ وَابْنُ
مَاجَه وَغَيْرُهُمَا عَنْ جُوَيْرِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهَا حِينَ صَلَّى الْغَدَاةَ أَوْ
بَعْدَمَا صَلَّى الْغَدَاةَ وَهِيَ تَذْكُرُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى
ارْتَفَعَ النَّهَارُ وَهِيَ كَذَلِكَ فَقَالَ: "لَقَدْ
قُلْتُ مُنْذُ قُمْتُ عِنْدَكِ كَلِمَاتٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ هُنَّ أَكْثَرُ أَوْ
أَرْجَحُ أَوْ أَوْزَنُ مِمَّا قُلْتِ: سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ،
سُبْحَانَ اللهِ رِضَى نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ
اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ". الْعَرْشُ أَكْبَرُ جِسْمٍ خَلَقَهُ
اللهُ مِنْ حَيْثُ الْحَجْمُ خَلَقَهُ اللهُ إِظْهَارًا لِقُدْرَتِهِ وَلَيْسَ
لِيَجْلِسَ عَلَيْهِ لأَِنَّ الْجُلُوسَ وَكُلَّ صِفَاتِ الْخَلْقِ مُسْتَحِيلَةٌ
عَلَى اللهِ. صَلَّى الْغَدَاةَ أَيْ صَلَّى
الصُّبْحَ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَى نَفْسِهِ أَيْ كَمَا يُحِبُّ،
سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ أَيْ تَسْبِيحًا بِقَدْرِ وَزْنِ
عَرْشِهِ.
بَابُ مَا جَاءَ فِي الاِسْتِغْفَارِ
رَوَى النَّسَائِيُّ فِي
عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ
فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ". قَوْلُهُ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنِّي
لأَسْتَغْفِرُ اللهَ" تَرَقٍّ، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ يَتَرَقَّى، سَيِّدُنَا
يَحْيَى أُوتِيَ النُّبُوَّةَ وَكَانَ صَغِيرًا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَءَاتَيْنَاهُ
الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾. الْحُكْمُ أَيِ النُّبُوَّةُ، قَالَ الشَّيْخُ
الْعَبْدَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "الْمَغْفُورُ لَهُ يَجُوزُ أَنْ
يُسْتَغْفَرَ لَهُ عَلَى مَعْنَى رَفْعِ الدَّرَجَاتِ".
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
الْمَجْلِسِ يَقُولُ: "رَبِّ اغْفِرْ لِي
وَارْحَمْنِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ". بِقَدْرِ
مِائَةِ مَرَّةٍ. التَّوَّابُ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ
التَّوْبَةَ كُلَّمَا تَكَرَّرَتْ.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ فِي
عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنِ الأَغَرِّ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى رَبِّكُمْ فَوَاللهِ
إِنِّي لأَتُوبُ إِلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ".
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ
وَالْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ
قَالَ: اسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذِي لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ثَلاَثًا غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَ فَارًّا مِنَ
الزَّحْفِ". فَارًّا مِنَ الزَّحْفِ أَيْ
هَارِبًا مِنَ صَفِّ الْقِتَالِ أَيْ بِلاَ عُذْرٍ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ
شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ
أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ،
خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا
اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ
عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا
فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ،
وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ
يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ". أَبُوءُ
لَكَ بِنِعْمَتِكَ أَيْ أُقِرُّ بِنِعْمَتِكَ.
بَابٌ فِي فَضْلِ الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
[سُورَةَ الأَحْزَابِ/56]. الصَّلاَةُ مِنَ اللهِ
عَلَى النَّبِيِّ تَعْظِيمٌ وَرِفْعَةُ قَدْرٍ، وَالصَّلاَةُ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ
دُعَاءٌ.
رَوَى التِّرْمِذِيُّ
وَأَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ
عَلَيَّ". رَغِمَ أَنْفُ فُلاَنٍ فِي الأَصْلِ مَعْنَاهُ جُعِلَ فِي
الرَّغَامِ وَهُوَ التُّرَابُ، وَالْمَقْصُودُ بِهِ هُنَا فَوَّتَ خَيْرًا
كَثِيرًا.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي
الأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرًا".
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَأَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلاَّ رَدَّ اللهُ
عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ". مَعْنَاهُ وَقَدْ رُدَّتْ رُوحِي قَبْلَ ذَلِكَ تَوْفِيقًا
بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ: "الأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ
يُصَلُّونَ". رَوَاهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْبَزَّارُ
وَغَيْرُهُمَا.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ
وَأَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ للهِ مَلاَئِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ
يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلاَمَ".
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَه عَنْ أَوْسِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ
عَلَيَّ". الْحَدِيثَ. مَعْنَاهُ الْمَلاَئِكَةُ
يَعْرِضُونَ عَلَيْهِ فُلاَنٌ صَلَّى عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللهِ، بَعْضُ النَّاسِ
الرَّسُولُ يَسْمَعُ صَلاَتَهُمْ وَسَلاَمَهُمْ هُوَ بِأُذُنِهِ يَسْمَعُ وَبَعْضٌ
تَعْرِضُهُ الْمَلاَئِكَةُ عَلَيْهِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
"مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ
الأَوْفَى إِذَا صَلَّى عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ صَلِّ
عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ
وَذُرِّيَّتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى ءَالِ إِبْرَاهِيمَ
إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". وَاعْلَمُوا
أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ جُرِّبَتْ كَثِيرًا لِرُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ.
وَرَوَى الْحَافِظُ
السَّخَاوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: »مَنْ صَلَّى عَلَيَّ عَصْرَ يَوْمِ
الْجُمُعَةِ ثَمَانِينَ مَرَّةً غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُ ثَمَانِينَ سَنَةً«.
أَيْ لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ.
بَابُ اسْتِحْبَابِ عَزيِمَةِ الْمَسْأَلَةِ لِلدَّاعِي إِذَا دَعَا
رَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ
يَقُلْ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي
إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ
فَإِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ لاَ مُكْرِهَ لَهُ". أَيْ لاَ يُكْرِهُ اللهَ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُسْتَجَابُ لأَِحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ فَيَقُولَ:
قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي".
بَابُ مَا يُرْجَى عَمَلُهُ لإِجَابَةِ الدُّعَاءِ
رَوَى مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ
وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ
اللهَ تَعَالَى أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ:
﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي
بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾. [سُورَةَ الْمُؤْمِنُونَ/51]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾.
[سُورَةَ الْبَقَرَةِ/ 172]. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ
يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبُّ
يَا رَبُّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَكْسَبُهُ حَرَامٌ،
وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ".
"طَيِّبٌ" مَعْنَاهُ مُنَزَّهٌ عَنِ النَّقْصِ وَالْعُيْوبِ،
"لاَ
يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا" مَعْنَاهُ يُحِبُّ لِعَبْدِهِ فِعْلَ الْخَيْرِ
كَأَكْلِ الْحَلاَلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَاللهُ لاَ
يَقْبَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ إِلاَّ مَا كَانَ مِنَ الْحَلاَلِ خَالِصًا لِوَجْهِهِ.
الشَّىءُ يَطِيبُ طِيبًا إِذَا كَانَ لَذِيذًا أَوْ حَلاَلاً فَهُوَ طَيِّبٌ،
هَذَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ، وَشَرْعًا الطَّيِّبَاتُ الْحَلاَلُ.
"وَغُذِيَ
بِالْحَرَامِ" الْغِذَاءُ مَا يُغْتَذَى بِهِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا أَرَادَ الدُّخُولَ إِلَى الْخَلاَءِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: "كَانَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْخَلاَءَ قَالَ:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبْثِ
وَالْخَبَائِثِ". الْخُبْثُ ذُكُورُ الشَّيَاطِينِ وَالْخَبَائِثُ
إِنَاثُ الشَّيَاطِينِ.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلاَءِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي
الأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلاَءِ قَالَ: "غُفْرَانَكَ".
وَرَوى النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ
وَاللَّيْلَةِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا
خَرَجَ مِنَ الْخَلاَءِ: "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي
أَذْهَبَ عَنِّيَ الأَذَى وَعَافَانِي"، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ
مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ
مَرْفُوعًا. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه فِي سُنَنِهِ. مَعْنَاهُ
هَذَا الْخُرُوجُ الَّذِي لَوْ بَقِيَ فِي الْجَوْفِ يُؤْذِينِي، أَحْمَدُهُ عَلَى
أَنَّهُ أَخْرَجَ مِنِّي مَا لَوْ بَقِيَ فِي جَوْفِي يُؤْذِينِي وَأَبْقَى
عَلَيَّ الْعَافِيَةَ.
بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْوُضُوءِ
رَوَى مُسْلِمٌ فِي
الصَّحِيحِ وَغَيْرُهُ عَنْ عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ
فَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ
وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ
الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ". إِسْبَاغُ
الْوُضُوءِ إِتْمَامُهُ. وَيُسْبِغُ يُتِمُّ.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا تَوَجَّهَ إِلَى الْمَسْجِدِ
رَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: رَقَدْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي صَلاَةِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ وَقِرَاءَتِهِ الآيَاتِ مِنْ ءَاخِرِ
سُورَةِ ءَالِ عِمْرَانَ، قَالَ: فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ يَعْنِي الصُّبْحَ،
فَخَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ
اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي
نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا وَمِنْ
أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا وَمِنْ تَحْتِي نُورًا،
اللَّهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا". الْمَقْصُودُ
بِالنُّورِ هُنَا النُّورُ الْمَعْنَوِيُّ، أَيْ خَيْرًا فِي كُلِّ هَذِهِ
الأَعْضَاءِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ فِي
مُسْنَدِهِ، وَابْنُ مَاجَه فِي سُنَنِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ
الْكَبِيرِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الصَّلاَةِ
فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ وَبِحَقِّ
مَمْشَايَ هَذَا، فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلاَ بَطَرًا وَلاَ رِيَاءً
وَلاَ سُمْعَةً، خَرَجْتُ اتِّقَاءَ سَخَطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ،
أَسْأَلُكَ أَنْ تُنْقِذَنِي مِنَ النَّارِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ
لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ
مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ". قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ
الْعَسْقَلاَنِيُّ فِي تَخْرِيجِ الأَذْكَارِ: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ". الْبَطَرُ الأَشَرُ وَالْبَطَرُ شِدَّةُ الْمَرَحِ أَيْ
مِشْيَةُ التَّكَبُّرِ. وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا اسْتَدَلَّ
بِهِ أَهْلُ الْحَقِّ عَلَى جَوَازِ التَّوَسُّلِ بِالصَّالِحِينَ فَإِنَّ فِي
قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ
بِحَقِّ السَّائِلِينَ"، دَخَلَ فِي كَلِمَةِ السَّائِلِينَ الأَنْبِيَاءُ
وَالأَوْلِيَاءُ وَغَيْرُهُمْ.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا أَرَادَ دُخُولَ الْمَسْجِدِ وَعِنْدَ
الْخُرُوجِ مِنْهُ
رَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَه وَغَيْرُهُمْ
وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ أَوْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا
دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ
رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ
فَضْلِكَ".
بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ الاِنْتِهَاءِ إِلَى الصَّفِّ
رَوَى النَّسَائِيُّ فِي
السُّنَنِ وَعَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ،
وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً
جَاءَ إِلَى الصَّفِّ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي
بِنَا فَقَالَ حِينَ انْتَهَى إِلَى الصَّفِّ: "اللَّهُمَّ
ءَاتِنِي أَفْضَلَ مَا تُؤْتِي عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ". فَلَمَّا
قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاَةَ قَالَ: "مَنِ الْمُتَكَلِّمُ"- يَعْنِي ءَانِفًا-
قَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "إِذَا
يُعْقَرُ جَوَادُكَ وَتُسْتَشْهَدُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ".
يُعْقَرُ جَوَادُكَ أَيْ يُقْتَلُ.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: هَذَا
حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الأَذَانَ أَوِ
الإِقَامَةَ
رَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا
يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا
مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ
وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ
الشَّفَاعَة".
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُ عَنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ
إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ
وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ رَسُولاً، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ". رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا أَيْ أَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ اللهُ
رَبِّي.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي
صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ
هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ، ءَاتِ مُحَمَّدًا
الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي
وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ". رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ
أَيِ الْكَامِلَةِ، وَالدَّعْوَةُ هُنَا هِيَ الدَّعْوَةُ إِلَى الصَّلاَةِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي
سُنَنِهِ وَغَيْرُهُ عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثِنْتَانِ
لاَ تُرَدَّانِ: الدُّعَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ، وَعِنْدَ الْبَأْسِ حِينَ يُلْحِمُ
بَعْضُهُمْ بَعْضًا". وَعِنْدَ الْبَأْسِ
أَيْ شِدَّةِ الْقِتَالِ.
وَقَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي كِتَابِ الأُمِّ: "وَقَدْ حَفِظْتُ عَنْ غَيْرِ
وَاحِدٍ طَلَبَ الإِجَابَةِ عِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ وَإِقَامَةِ
الصَّلاَةِ". اهـ.
بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ اسْتِفْتَاحِ الصَّلاَةِ
رَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي
طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلاَةَ قَالَ: "وَجَّهْتُ
وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ
الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ،
اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا
عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِيَ
جَمِيعًا إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَِحْسَنِ
الأَخْلاَقِ لاَ يَهْدِي لأَِحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي
سَيِّئَهَا لاَ يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ
وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ
وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ". لِيُعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَقِّ مِنَ
الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ
وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ
وَالْجَمَاعَةِ أَنَّ جَمِيعَ الْكَائِنَاتِ خَيْرِهَا وَشَرِّهَا، نَفْعِهَا
وَضُرِّهَا كُلَّهَا مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَبِإِرَادَتِهِ
وَتَقْدِيرِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ﴾. وَقَالَ
تَعَالَى: ﴿مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾. وَمَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالشَّرُّ لَيْسَ
إِلَيْكَ" أَيْ أَنَّ الشَّرَّ لاَ يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْكَ. فَاللهُ لاَ
يُحِبُّ الشَّرَّ مَعَ أَنَّهُ شَاءَ وَقَدَّرَ حُصُولَهُ وَدَخَلَ فِي الْوُجُودِ
بِخَلْقِ اللهِ. وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي
فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مَعْنَاهُ قَصَدْتُ بِعِبَادَتِي
الْخَالِقَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، حَنِيفًا أَيْ مَائِلاً عَنِ
الْبَاطِلِ إِلَى الدِّينِ الْحَقِّ الَّذِي هُوَ الإِسْلاَمُ، النُّسُكُ هُوَ
عَمَلُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا يُذْبَحُ تَقَرُّبًا إِلَى اللهِ مِنَ
الذَّبِيحَةِ كَالأُضْحِيَّةِ، وَمَحْيَايَ أَيْ حَيَاتِي، للهِ أَيْ مِلْكٌ للهِ
وَخَلْقٌ لَهُ، لَبَّيْكَ أَيْ لَكَ الطَّاعَةُ، أُطِيعُكَ طَاعَةً بَعْدَ
طَاعَةٍ، وَسَعْدَيْكَ أَيْ أُقِيمُ عَلَى طَاعَتِكَ. أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ أَيْ
وُجُودِي بِكَ وَنِهَايَتِي إِلَى لِقَاءِكَ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلاَةِ سَكَتَ هُنَيْهَةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ
التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: "أَقُولُ:
اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ
الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى
الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ
بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ". يُقَالُ
مَكَثَ هُنَيْهَةً أَيْ سَاعَةً لَطِيفَةً، وَلُغَةً يُقَالُ نَقِيٌّ أَيْ نَظِيفٌ
وَهُنَا أَيْ نَظِّفْنِي، الدَّنَسُ بِفَتْحَتَيْنِ الْوَسَخُ، وَهَذَا تَعْبِيرٌ
عَنِ الذُّنُوبِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلاَةَ قَالَ: "سُبْحَانَكَ
اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلاَ إِلهَ
غَيْرُكَ". مَعْنَى جَدُّكَ أَيْ
عَظَمَتُكَ. تَبَارَكَ اسْمُكَ أَيْ تَعَالَى
أَوْ كَثُرَ خَيْرُكَ وَإِحْسَانُكَ.
بَابُ أَذْكَارِ الرُّكُوعِ
رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَأَحْمَدُ فِي
مُسْنَدِهِ عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَكَعَ قَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ ءَامَنْتُ، وَلَكَ
أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي".
"وَمُخِّي" أَيِ السَّائِلُ دَاخِلَ
الْعَظْمِ، "وَعَصَبِي" أَيِ الْوَاحِدُ مِنْ أَطْنَابِ الْمَفَاصِلِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ
فِي سُنَنِهِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ:
"سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلاَئِكَةِ
وَالرُّوحِ". سُبُّوحٌ أَيْ مُنَزَّهٌ
عَنْ كُلِّ سُوءٍ وَعَيْبٍ، وَقُدُّوسٌ الْبَلِيغُ فِي النَّزَاهَةِ عَنِ
النَّقَائِصِ.
بَابُ مَا يَقُولُهُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَفِي
اعْتِدَالِهِ
رَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ
أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ: "سَمِعَ
اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ
الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَىْءٍ بَعْدُ". سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مَعْنَاهُ اللهُ يَتَقَبَّلُ
حَمْدَ مَنْ حَمِدَهُ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا
رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: "اللَّهُمَّ
رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ
شَىءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ
وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ
لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ". لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ أَيْ إِذَا شَاءَ اللهُ
تَعَالَى لِعَبْدٍ أَنْ تُصِيبَهُ نِعْمَةٌ مِنَ النِّعَمِ فَهُوَ يُمَكِّنُهُ
مِنْهَا وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَهَا عَنْهُ.
بَابُ أَذْكَارِ السُّجُودِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ
وَسُجُودِهِ: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا
وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي".
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ
فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: "سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ
رَبُّ الْمَلاَئِكَةِ وَالرُّوحِ".
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ عَنْ عَلِيِ بنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَجَدَ قَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ ءَامَنْتُ، وَلَكَ
أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ،
تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ". سَجَدَ
وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ مَعْنَاهُ تَعْظِيمًا تَذَلُّلاً لِلَّذِي خَلَقَهُ،
أَلْصَقَ جَبْهَتَهُ بِالأَرْضِ، هُنَا غَايَةُ التَّذَلُّلِ لأَِنَّ الْوَجْهَ
أَشْرَفُ الأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ. أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ
مَعْنَاهُ أَنَّ اللهَ أَحْسَنُ الْمُقَدِّرِينَ لأَِنَّ تَقْدِيرَهُ لاَ يُخْطِئُ
وَلاَ يَتَغَيَّرُ وَتَقْدِيرُ غَيْرِهِ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ
وَالتَّغَيُّرُ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجِلَّهُ
وَأَوَّلَهُ وَءَاخِرَهُ وَعَلاَنِيَتَهُ وَسِرَّهُ". دِقَّةُ
وَجِلَّةُ: بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا، وَمَعْنَاهُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ.
بَابُ الْقَوْلِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
رَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَالتِّرْمِذِيُّ فِي السُّنَنِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدُّعَاءِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: "رَبِّ اغْفِرْ لِي
وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي". وَمَعْنَى وَعَافِنِي أَيِ ارْزُقْنِي الْعَافِيَةَ.
الْمَرِيضُ يَدْعُو بِالْعَافِيَةِ وَالصَّحِيحُ يَدْعُو بِالْعَافِيَةِ.
بَابُ دُعَاءِ الْقُنُوتِ
رَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَه وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ
بِالإِسْنَادِ الصَّحِيحِ عَنِ الْحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ
أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ: "اللَّهُمَّ
اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ
تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ،
فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ،
وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ". دُعَاءُ الْقُنُوتِ هُوَ الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ وَمَعْنَى وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ أَيْ وَاحْفَظْنِي
مِنَ الأَمْرَاضِ مَعَ مَنْ حَفِظْتَهُمْ، وَمَعْنَى وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ
تَوَلَّيْتَ أَيْ أَعِنِّي مَعَ الَّذِينَ أَعَنْتَهُمْ أَيِ اجْعَلْنِي مِنْهُمْ،
وَمَعْنَى وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ أَيِ اجْعَلْ لِيَ الْبَرَكَةَ فِيمَا
أَعْطَيْتَنِي، وَمَعْنَى وَقِنِي وَاصْرِفْ عَنِّي شَرَّ مَا قَضَيْتَ أَيِ
الْمُقَدَّرُ الَّذِي قَدَّرْتَهُ مِنَ الشَّرِّ احْفَظْنِي مِنْهُ، لَيْسَ
مَعْنَاهُ مِمَّا قَدَّرْتَ أَنْ يُصِيبَنِي بَلْ مِمَّا قَدَّرْتَ أَنْ يُصِيبَ
بَعْضَ خَلْقِكَ، وَمَعْنَى فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ أَيْ أَنْتَ
تُقَدِّرُ عَلَى مَخْلُوقَاتِكَ وَلاَ يَقْضِي عَلَيْكَ غَيْرُكَ أَيْ لاَ
يُصِيبُكَ مِنْ أَحَدٍ نَفْعٌ وَلاَ ضَرَرٌ، وَمَعْنَى وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ
وَالَيْتَ أَيْ مَنْ أَكْرَمْتَهُ لاَ يَكُونُ ذَلِيلاً، لَوْ كَانَ بَعْضُ
النَّاسِ يُؤْذِيهِ وَيُذِلُّهُ فَهُوَ عَزِيزٌ. الأَنْبِيَاءُ كَثِيرٌ مِنْهُمُ
الْكُفَّارُ قَتَلُوهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ أُوذُوا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِلُو
إِلَى حَدِّ الْقَتْلِ وَمَعَ هَذَا عِنْدَ اللهِ أَعِزَّاءُ لأَِنَّ هَذَا
الأَذَى نَالَهُمْ مِنْ الْخَلْقِ عِزٌّ لَهُمْ عِنْدَ اللهِ. وَمَعْنَى وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ أَيْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا
لَكَ لاَ يَصِيرُ عَزِيزًا أَيْ عِنْدَكَ وَعِنْدَ خِيَارِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ
بِحَسَبِ الظَّاهِرِ قَدْ يَكُونُ عِنْدَ أَمْثَالِهِ عَزِيزًا وَذَلِكَ لاَ
عِبْرَةَ بِهِ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ
عُمَرَ بنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَقَالَ:
"اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ
وَنَسْتَغْفِرُكَ وَلاَ نَكْفُرُكَ، وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَخْلَعُ مَنْ يَفْجُرُكَ،
اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ،
نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى عَذَابَكَ، إِنَّ عَذَابَكَ الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ
مُلْحَقٌ، اللَّهُمَّ عَذِّبِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ،
وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ
لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَصْلِحْ
ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْعَلْ فِي قُلُوبِهِمُ
الإيِمَانَ وَالْحِكْمَةَ، وَثَبِّتْهُمْ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَوْزِعْهُمْ أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِكَ الَّذِي
عَاهَدْتَهُمْ عَلَيْهِ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ إِلهَ
الْحَقِّ وَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ. هَذَا حَدِيثٌ مَوْقُوفٌ صَحِيحٌ". وَلاَ
نَكْفُرُكَ: أَيْ لاَ نَجْحَدُكَ، وَنَخْلَعُ مَنْ يَفْجُرُكَ: أَيْ نَبْرَأُ
مِمَّنْ يَكْفُرُ بِكَ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ: أَيْ إِلَى طَاعَتِكَ
نَسْعَى وَنُسْرِعُ، إِنَّ عَذَابَكَ الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ يَعْنِي لاَ
بُدَّ مُلْحَقٌ بِالْكُفَّارِ. وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ: الْبَيْنُ هُوَ
الْبُعْدُ وَالْفِرَاقُ، أَصْلِحْ مَا بَيْنَهُمْ مِنْ فُرْقَةٍ وَشِقَاقٍ،
مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ: أَيْ دِينِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَأَوْزِعْهُمْ أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِكَ: اسْتَوْزَعْتُ اللهَ شُكْرَهُ
فَأَوْزَعَنِي أَيِ اسْتَلْهَمْتُهُ فَأَلْهَمَنِي.
بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّشَهُدِ الأَخِيرِ
رَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا
فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُدِ الآخِرِ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ
أَرْبَعٍ: مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ
الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ".
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ
الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ
مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ
وَالْمَغْرَمِ". الْغَرَامَةُ مَا
يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ وَكَذَا الْمَغْرَمُ، وَالإِثْمُ الذَّنْبُ وَقَدْ أَثِمَ
بِالْكَسْرِ إِثْمًا وَمَأْثَمًا إِذَا وَقَعَ فِي الإِثْمِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَأَحْمَدُ فِي
مُسْنَدِهِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا
قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ ءَاخِرَ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ:
"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا
أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ
أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لاَ إِلهَ
إِلاَّ أَنْتَ". أَسْرَفَ يُسْرِفُ
تَجَاوَزَ الْحَدَّ، الْمُقَدِّمُ وَالْمُؤَخِّرُ أَيِ الْمُنْزِلُ لِلأَشْيَاءِ
مَنَازِلَهَا يُقَدِّمُ مَا يَشَاءُ مِنْهَا وَيُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ
بِحِكْمَتِهِ، رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ
الْمُؤَخِّرُ".
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَه فِي
السُّنَنِ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي،
قَالَ: "قُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ
نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي
مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"،
وَفِي رِوَايَةٍ: "كَبِيرًا"، بِالْبَاءِ الْمُوَحَدَّةِ.
الْغَفُورُ هُوَ الَّذِي تَكْثُرُ
مِنْهُ الْمَغْفِرَةُ، وَالرَّحِيمُ أَيِ الَّذِي يَرْحَمُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَطْ
فِي الآخِرَةِ.
بَابُ مَا يُقَالُ فِي دُبُرِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ بَعْدَ
السَّلاَم
رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَابْنُ مَاجَة فِي
السُّنَنِ عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاَتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلاَثًا وَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَمُ
تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ". فِي دُبُرِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ أَيْ عَقِبَ
الصَّلاَةِ الْمَفْرُوضَةِ، السَّلاَمُ
هوالسَّالِمُ مِنْ كُلِّ نَقْصٍ وَعَيْبٍ فَلاَ يُوصَفُ بِالظُّلْمِ أَوِ
الْوَلَدِيَّةِ أَوِ الزَّوْجِيَّةِ،، وَمِنْكَ السَّلاَمُ أَيْ أَنْتَ الَّذِي
تُعْطِي السَّلاَمَ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ وَغَيْرُهُمْ عَنِ
الْمُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ
الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ. اللَّهُمَّ لاَ
مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا
الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ".
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاَةِ: "لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ
الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ، لاَ حَوْلَ وَلاَ
قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَلاَ نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ،
لَهُ النِّعْمَةُ وَالْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ
اللهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ".
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ عَنْ كَعْبِ بنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مُعَقِّبَاتٌ
لاَ يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ أَوْ فَاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ
ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ تَسْبِيحَةً، وَثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ تَحْمِيدَةً،
وَثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ تَكْبِيرَةً"، وَفِي حَدِيثٍ ءَاخَرَ
لِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ:
"لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ
لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ
ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ".
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي
الصَّحِيحِ عَنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ دُبُرَ الصَّلاَةِ
بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ: "اللَّهُمَّ إِنِّي
أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ
الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ
الْقَبْرِ". وَمَعْنَى الْجُبْنِ أَيِ الصِّفَةِ الْمَذْمُومَةِ الْمُقَارِنَةِ
لِلْهَرَبِ، وَمَعْنَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ أَيِ الْخَرَف.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَالنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ
بِيَدِهِ وَقَالَ: يَا مُعَاذُ وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ ثُمَّ قَالَ:
"أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ
صَلاَةٍ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ
عِبَادَتِكَ". مَعْنَاهُ يَسِّرْ لِي
ذِكْرَكَ وَأَنْ أَعْمَلَ الْعِبَادَةَ الْحَسَنَةَ أَيِ الْمَقْبُولَةَ.
وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ
وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلاَةِ: "اللَّهُمَّ
إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ".
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ
وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَالَ: "اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ
وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ
لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ".
بَابُ مَا يُقَالُ دُبُرَ صَلاَةِ الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ
رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي
سُنَنِهِ وَغَيْرُهُ عَنْ مُسْلِمِ بنِ الْحَارِثِ التَّمِيميِّ الصَّحَابِيِّ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ
أَسَرَّ إِلَيْهِ فَقَالَ: "إِذَا
انْصَرَفْتَ مِنْ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ فَقُلْ: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ
سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ ثُمَّ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ
كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا، وَإِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَقُلْ كَذَلِكَ
فَإِنَّكَ إِذَا مُتَّ مِنْ يَوْمِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا". كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا مَعْنَاهُ اللهُ يُجِيرُكَ.
وَرَوَى أَحْمَدُ فِي
مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْكُبْرَى وَابْنُ مَاجَه فِي
السُّنَنِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ قَالَ:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا
نَافِعًا، وَعَمَلاً مُتَقَبَّلاً، وَرِزْقًا طَيِّبًا. وَفِي رِوَايَةٍ: صَالِحًا
بَدَلَ مُتَقَبَّلاً".
وَرَوَى أَحْمَدُ فِي
مُسْنَدِهِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ صُهَيْبٍ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بَعْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ بِشَىءٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللهِ مَا هَذَا الَّذِي تَقُولُهُ؟ قَالَ: "اللَّهُمَّ
بِكَ أُحَاوِلُ، وَبِكَ أُصَاوِلُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ". أَيْ بِعَوْنِكَ
أَطْلُبُ حَاجَتِي وَبِكَ أُصَاوِلُ أُرِيدُ دَفْعَ شَرَّ عَدُوِّي.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ
فِي سُنَنِهِ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ
قَالَ فِي دُبُرِ الْفَجْرِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ: لاَ
إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ
يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ كُتِبَ لَهُ
عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ
دَرَجَاتٍ، وَكَانَ يَوْمَهُ ذَلِكَ فِي حِرْزٍ مِنَ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَحُرِسَ
مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَمْ يَنْبَغِ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي ذَلِكَ
الْيَوْمِ إِلاَّ الشِّرْكَ بِاللهِ تَعَالَى". قَالَ التِّرْمِذِيُّ
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: صَحِيحٌ. وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَيْهِ أَيْ غَيْرُ مَادٍّ رِجْلَيْهِ
بَابُ الْقَوْلِ فِي التَّهَجُّدِ بِاللَّيْـــلِ
رَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ
يَقُولُ: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ
نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ
فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ
حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ
أَسْلَمْتُ وَبِكَ ءَامَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ
خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ
وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ
إِلَهِي لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ". نُورُ
السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَعْنَاهُ أَنَّ اللهَ هَادِي أَهْلِ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ لِنُورِ الإيِمَانِ أَوْ مُنَوِّرُهُمَا، قَيَّامُ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ أَيِ الْقَائِمُ بِتَدْبِيرِهِمَا وَحِفْظِهِمَا، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ
الْوَاقِفُ لأَِنَّ اللهَ مُنَزَّهٌ عَنِ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ، أَنْتَ الْحَقُّ أَيِ الثَّابِتُ الْوُجُودِ الَّذِي لاَ شَكَّ
فِي وُجُودِهِ. وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا
مَوْجُودَتَانِ وَبَاقِيَتَانِ وَأَنَّهُمَا دَارَا جَزَاءٍ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ
أَيْ رَجَعْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ أَيْ مِنْكَ أُرِيدُ طَلَبَ حَقِّي مِمَّنْ
يُؤْذِينِي.
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: فَقَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَالْتَمَسْتُهُ بِيَدِي فَوَقَعَتْ يَدِي
عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ سَاجِدٌ وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ،
وَأَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لاَ أُحْصِي ثَنَاءً
عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ". وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ أَيْ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَثَرِ
غَضَبِكَ عَلَيَّ وَأَعُوذُ بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذَابِكَ.
بَابُ مَا يُقَالُ عَقِيبَ الْوِتْرِ
رَوَى النَّسَائِيُّ
وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ فِي
الْوِتْرِ قَالَ: "سُبْحَانَ الْمَلِكِ
الْقُدُّوسِ". سُبْحَانَ تَنَزَّهَ،
الْمَلِكُ أَيِ الْمَالِكُ لِكُلِّ شَىءٍ
الْمُتَصَرِّفُ فِيهِ فَاللهُ مَوْصُوفٌ بِتَمَامِ الْمُلْكِ وَمُلْكُهُ أَزَلِيٌّ
وَأَمَّا الْمُلْكُ الَّذِي يُعْطِيهِ لِلْعَبْدِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ حَادِثٌ
يَزُولُ، أَمَّا الْقُدُّوسُ فَمَعْنَاهُ الْمُنَزَّهُ عَنِ النَّقَائِصِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي ءَاخِرِ وِتْرِهِ:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ
سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لاَ أُحْصِي
ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ".
بَابُ مَا يُقَالُ عَقِيبَ صَلاَةِ الضُّحَى
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي
الأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:
صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَةَ الضُّحَى ثُمَّ
قَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ
إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَعِنْدَ غَيْرِ الْبُخَارِيِّ:
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ
الْغَفُورُ". حَتَّى قَالَهَا مِائَةَ مَرَّةٍ، رَوَاهُ
الْبَيْهَقِيُّ. التَّعْقِيبُ فِي الصَّلاَةِ
الْجُلُوسُ لِدُعَاءٍ أَوْ مَسْأَلَةٍ. التَّوَّابُ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ
التَّوْبَةَ كُلَّمَا تَكَرَّرَتْ، وَالرَّحِيمُ أَيِ الَّذِي يَرْحَمُ
الْمُؤْمِنِينَ فَقَطْ فِي الآخِرَةِ، وَالْغَفُورُ هُوَ الَّذِي تَكْثُرُ مِنْهُ الْمَغْفِرَةُ.
بَابٌ فِي صَلاَةِ الْحَاجَةِ
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي
مُعْجَمَيْهِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلاَئِلِ عَنْ
عُثْمَانَ بنِ حُنَيْفٍ: أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى عُثْمَانَ بنِ
عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي حَاجَةٍ لَهُ، فَكَانَ عُثْمَانُ لاَ يَلْتَفِتُ
إِلَيْهِ، وَلاَ يَنْظُرُ فِي حَاجَتِهِ. فَلَقِيَ عُثْمَانَ بنَ حُنَيْفٍ فَشَكَا
إِلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ بنُ حُنَيْفٍ: إِيتِ الْمِيضَأَةَ
فَتَوَضَّأْ ثُمَّ إِيتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قُلْ:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي
أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي لِتُقْضَى لِي حَاجَتِي وَتَذْكُرُ حَاجَتَكَ،
وَرُحْ إِلَيَّ حَتَّى أَرُوحَ مَعَكَ. فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَصَنَعَ مَا قَالَ
لَهُ ثُمَّ أَتَى بَابَ عُثْمَانَ، فَجَاءَ الْبَوَّابُ حَتَّى أَخَذَ بِيَدِهِ
فَأَدْخَلَهُ عَلَى عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى
الطِّنْفِسَةِ وَقَالَ لَهُ: مَا حَاجَتُكَ؟ فَذَكَرَ حَاجَتَهُ فَقَضَاهَا لَهُ،
ثُمَّ قَالَ: مَا ذَكَرْتُ حَاجَتَكَ حَتَّى كَانَتْ هَذِهِ السَّاعَةُ، وَقَالَ:
مَا كَانَتْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ فاَئْتِنَا.
ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ خَرَجَ مِنْ
عِنْدِهِ فَلَقِيَ عُثْمَانَ بنَ حُنَيْفٍ فَقَالَ لَهُ: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا،
مَا كَانَ يَنْظُرُ فِي حَاجَتِي وَلاَ يَلْتَفِتُ إِلَيَّ حَتَّى كَلَّمْتَهُ
فِيَّ. فَقَالَ عُثْمَانُ بنُ حُنَيْفٍ: وَاللهِ مَا كَلَّمْتُهُ وَلَكِنْ
شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَتَاهُ رَجُلٌ ضَرِيرٌ
فَشَكَا إِلَيْهِ ذَهَابَ بَصَرِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "أَوَ تَصْبِرْ"؟
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ وَقَدْ شَقَّ عَلَيَّ.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ
ثُمَّ ادْعُ بِهَذِهِ الدَّعَوَاتِ"، قَالَ عُثْمَانُ بنُ حُنَيْفٍ:
فَوَاللهِ مَا تَفَرَّقْنَا وَلاَ طَالَ بِنَا الْحَدِيثُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْنَا
الرَّجُلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ ضُرٌّ قَطُّ. صَحَّحَهُ الْحَافِظُ
الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ
دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّوَسُّلِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّالِحِينَ فِي حَيَاتِهِمْ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ. وَقَوْلُ
الْحَافِظِ الطَّبَرَانِيِّ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ يَشْمَلُ الْحَدِيثَ
الْمَوْقُوفَ عَلَى الصَّحَابِيِّ عُثْمَانَ بنِ حُنَيْفٍ وَالْمَرْفُوعَ إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَِنَّ الإِسْنَادَ وَاحِدٌ.
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ الصَّبَاحِ وَعِنْدَ الْمَسَاءِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي
صَحِيحِهِ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَيِّدُ
الاِسْتِغْفَارِ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ
إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ
وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ
بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، إِذَا قَالَ ذَلِكَ حِينَ يُمْسِي فَمَاتَ دَخَلَ
الْجَنَّةَ، أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِذَا قَالَ ذَلِكَ حِينَ
يُصْبِحُ فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ مِثْلُهُ". وَمَعْنَى
أَبُوءُ أَيْ أُقِرُّ وَأَعْتَرِفُ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ
وَأَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ
اللهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ
عَلَيْهِ". وَفِي رِوَايَةٍ: "سُبْحَانَ
اللهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ". الْعَظِيمُ
أَيِ الَّذِي قَدْرُهُ أَعْلَى مِنْ كُلِّ ذِي قَدْرٍ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ خُبَيْبٍ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"قُلْ: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾
وَالْمُعَوِذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ يَكْفِيكَ
مِنْ كُلِّ شَىءٍ".
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ
إِذَا أَصْبَحَ: "اللَّهُمَّ بِكَ أَصْبَحْنَا،
وَبِكَ أَمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ وَإِلَيْكَ النُّشُورُ".
وَإِذَا أَمْسَى قَالَ: »اللَّهُمَّ بِكَ أَمْسَيْنَا وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ
نَمُوتُ وَإِلَيْكَ النُّشُورُ". قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ:
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. اللَّهُمَّ بِكَ
أَصْبَحْنَا وَبِكَ أَمْسَيْنَا وَبِكَ نَحْيَا وَبِكَ نَمُوتُ مَعْنَاهُ أَنْتَ
أَبْقَيْتَنَا إِلَى هَذَا الصَّبَاحِ وَأَنْتَ أَبْلَغْتَنَا إِلَى هَذَا الْمَسَاءِ
وَبِكَ نَحْيَا وَحَيَاتُنَا بِمَشِيئَتِكَ وَإِذَا مِتْنَا فَمَوْتُنَا
بِمَشِيئَتِكَ، وَالنُّشُورُ هُوَ الْبَعْثُ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَنْشَرَهُ اللهُ
أَيْ أَحْيَاهُ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ وَالنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِذَا أَمْسَى قَالَ: "أَمْسَيْنَا
وَأَمْسَى الْمُلْكُ للهِ، وَالْحَمْدُ للهِ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ
شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ،
رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا،
وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا،
رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَسُوءِ الْكِبَرِ، وَأَعُوذُ بِكَ
مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ". وَإِذَا
أَصْبَحَ قَالَ ذَلِكَ أَيْضًا: "أَصْبَحْنَا
وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ للهِ". الْكَسَلُ
التَّثَاقُلُ عَنِ الْعَمَلِ، وَالْهَرَمُ الشَّيْخُوخَةُ،
سُوءُ الْكِبَرِ أَيْ يَسْتَاءُ حَالُهُ حِينَ يَكْبَرُ،
أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ للهِ أَيْ دَخَلْنَا فِي الصَّبَاحِ وَالْمُلْكُ
ثَابِتٌ للهِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمَنْ لَدَغَهُ عَقْرَبٌ: "أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ
اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّكَ". مَا يَعَضُّ بِمُؤَخَّرَتِهِ يُقَالُ لَدَغَةٌ وَمَا
يَعَضُّ بِفَمِهِ يُقَالُ لَسَعَةٌ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَالتِّرْمِذِيُّ فِي السُّنَنِ وَالْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ،
وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ أَبَا
بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مُرْنِي
بِكَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ، قَالَ: "قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ رَبَّ كُلِّ شَىءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أَنَّ لاَ
إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطَانِ
وَشِرْكِهِ. قَالَ: قُلْهَا إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ وَإِذَا أَخَذْتَ
مَضْجَعَكَ". فَاطِرَ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ: أَيْ خَالِقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، مَا تُشَاهِدُهُ يُقَالُ لَهُ
شَهَادَةٌ وَمَا غَابَ عَنْكَ يُقَالُ لَهُ غَيْبٌ،
رَبَّ كُلِّ شَىءٍ وَمَلِيكَهُ: مَعْنَاهُ اللهُ مَالِكُ كُلِّ
شَىءٍ، وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ أَيْ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى حَيْثُ تَضْطَجِعُ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ
وَالنَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ
عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ عَبْدٍ
يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللهِ الَّذِي
لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَىءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَىءٌ".
وَفِي
رِوَايَةٍ: "لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ". مَعَ اسْمِهِ أَيْ مَعَ حِفْظِهِ، فَجْأَةُ بَلاَءٍ أَيْ
بَلاَءٌ مُفَاجِىءٌ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ
عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ
وَحِينَ يُمْسِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ
دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا، كَانَ حَقًّا
عَلَى اللهِ تَعَالَى أَنْ يُرْضِيَهُ". رَضِيتُ
بِاللهِ رَبًّا أَيْ أَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ اللهُ رَبِّي.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَغَيْرُهُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ
يُصْبِحُ أَوْ يُمْسِي: اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ
حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلاَئِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لاَ
إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، أَعْتَقَ اللهُ
رُبْعَهُ مِنَ النَّارِ، فَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللهُ نِصْفَهُ مِنَ
النَّارِ، وَمَنْ قَالَهَا ثَلاَثًا أَعْتَقَ اللهُ تَعَالَى ثَلاَثَةَ
أَرْبَاعِهِ، فَإِنَّ قَالَهَا أَرْبَعًا أَعْتَقَهُ اللهُ تَعَالَى مِنَ النَّارِ".
أُشْهِدُكَ مَعْنَاهُ أَنْتَ مُطَّلِعٌ عَلَى ذَلِكَ،
أَمَّـا "وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ" إِلَخ مَعْنَاهُ بِلِسَانِ الْحَالِ
مَعْنَاهُ كَأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ مُسْتَحِقُّ ذَلِكَ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي
السُّنَنِ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْكُبْرَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ غَنَّامٍ
الْبَيَاضِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ:
اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْكَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ،
لَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ، وَمَنْ قَالَ
مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يُمْسِي فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ".
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ مَضْجَعِهِ:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ
الْكَريِمِ وَبِكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ ءَاخِذٌ
بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ تَكْشِفُ الْمَغْرَمَ وَالْمَأْثَمَ، اللَّهُمَّ
لاَ يُهْزَمُ جُنْدُكَ وَلاَ يُخْلَفُ وَعْدُكَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ
مِنْكَ الْجَدُّ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ". ءَاخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ أَيْ مَالِكُ أَمْرِهِ مُتَصَرِّفٌ فِيهِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَابْنُ مَاجَه فِي السُّنَنِ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي
عَيَّاشٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ:
لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ
الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ، كَانَ لَهُ عَدْلُ رَقَبَةٍ مِنْ
وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَكُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَحُطَّ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ،
وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ فِي حِرْزٍ مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى
يُمْسِي، وَإِنْ قَالَهَا إِذَا أَمْسَى كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ".عَدْلُ رَقَبَةٍ أَيْ مَا يُعَادِلُ ثَوَابَ عِتْقِ
رَقَبَةٍ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ أَبِي بَكْرَةَ
قَالَ: قُلْتُ لأَِبِي: يَا أَبَتِ إِنِّي أَسْمَعُكَ تَدْعُو عِنْدَ كُلِّ
غَدَاةٍ: "اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي،
اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي، اللَّهُمَّ إِنِّي
أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ
عَذَابِ الْقَبْرِ، لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ". تُعِيدُهَا حِينَ
تُصْبِحُ ثَلاَثًا، وَثَلاَثًا حِينَ تُمْسِي، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِنَّ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ
أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ. أَسْتَنَّ: أَيْ أَقْتَدِيَ
بِهِ.
وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ
بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبْزَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَصْبَحَ قَالَ:
"أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلاَمِ وَكَلِمَةِ
الإِخْلاَصِ، وَدِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
وَمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا
أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ". وَمَعْنَى
فِطْرَةِ الإِسْلاَمِ أَيْ مُقْتَضَى الْعَهْدِ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ
وَابْنُ السُّنِّيِّ عَنْ مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ
الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَقَرَأَ ثَلاَثَ ءَايَاتٍ مِنْ سُورَةِ
الْحَشْرِ وَكَلَّ اللهُ تَعَالَى بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ
عَلَيْهِ حَتَّى يُمْسِي، وَإِنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَاتَ شَهِيدًا،
وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي كَانَ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ".
وَرَوَى النَّسَائِيُّ
وَابْنُ السُّنِّيِّ وَالْحَاكِمُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا:
"مَا يَمْنَعُكِ أَنْ تَسْمَعِي مَا أُوصِيكِ
بِهِ؟ تَقُولِينَ إِذَا أَصْبَحْتِ وَإِذَا أَمْسَيْتِ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ
بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ وَلاَ تَكِلْنِي إِلَى
نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ". هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
الْقَيُّومُ مَعْنَاهُ الْمُدَبِّرُ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقِينَ،
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْقَائِمُ بِذَاتِهِ الْمُسْتَغْنِي عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ.
وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَالَ فِي
كُلِّ يَوْمٍ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: حَسْبِيَ اللهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ
هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ
كَفَاهُ اللهُ تَعَالَى مَا أَهَمَّهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ". حَسْبِيَ اللهُ مَعْنَاهُ اللهُ يَكْفِينِي مَا
أَهَمَّنِي.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ
وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَه فِي السُّنَنِ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ عَنِ ابْنِ
عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ حَتَّى
فَارَقَ الدُّنْيَا أَوْ حَتَّى مَاتَ: "اللَّهُمَّ
إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعِافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي
أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي،
اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَءَامِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ
بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي،
وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي". قَالَ جُبَيْرُ
بنُ مُطْعِمٍ وَهُوَ أَحَدُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ: هُوَ الْخَسْفُ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَءَامِنْ رَوْعَاتِي أَيِ اجْعَلْنِي
فِي أَمْنٍ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ، فَالرَّوْعُ شِدَّةُ الْخَوْفِ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ عَنْ
عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ إِذَا
أَمْسَى: أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ للهِ، وَالْحَمْدُ للهِ، أَعُوذُ
بِاللهِ الَّذِي يُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ
بِإِذْنِهِ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ، مَنْ قَالَهُنَّ عُصِمَ
مِنْ كُلِّ سَاحِرٍ وَكَاهِنٍ وَشَيْطَانٍ وَحَاسِدٍ". ذَرَأَ أَيْ خَلَقَ، وَبَرَأَ: خَلَقَ، وَمَعْنَى كَاهِنٍ
الَّذِي يَتَعَاطَى الْكَهَانَةَ وَيُخْبِرُ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ
رَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ أَنَّهُ
جَعَلَ مَنْ يَرْقُبُ لَهُ طُلُوعَ الشَّمْسِ، فَلَمَّا أَخْبَرَتْهُ بِطُلُوعِهَا
قَالَ: "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي وَهَبَ لَنَا هَذَا الْيَوْمَ وَأَقَالَنَا
مِنْ عَثَرَاتِنَا". قَالَ الْحَافِظُ: هَذَا مَوْقُوفٌ صَحِيحٌ. مَنْ يَرْقُبُ لَهُ طُلُوعَ الشَّمْسِ أَيْ يَنْتَظِرُ
طُلُوعَهَا، وَأَقَالَنَا مِنْ عَثَرَاتِنَا أَيْ أَنْهَضَنَا مِنْ سَقْطَتِنَا.
بَابُ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ عِنْدَ النَّوْمِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي
صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ
اللَّيْلِ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا".
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ وَلِفَاطِمَةَ:
"إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا أَوْ
إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَسَبِّحَا
ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ".
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الآيَتَانِ
مِنْ ءَاخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَ بِهِمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ".
وَرَوَى الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنِ
الْبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ
وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ وَقُلْ: "اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ
أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ،
لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَى مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، ءَامَنْتُ بِكِتَابِكَ
الَّذِي أَنْزَلْتَ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مِتَّ مِتَّ عَلَى
الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ ءَاخِرَ مَا تَقُولُ". وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ أَيْ سَلَّمْتُكَ أَمْرِي،
وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ أَيْ أَنْتَ الَّذِي يُعِينُنِي وَيَنْصُرُنِي،
اعْتَصَمْتُ بِكَ، لاَ مَنْجَى مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ أَيْ لاَ مَفَرَّ مِنْكَ
إِلاَّ إِلَيْكَ، لِلرُّجُوعِ إِلَى طَاعَتِكَ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَه فِي
السُّنَنِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى
فِرَاشِهِ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ رَبَّ
السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ
كُلِّ شَىءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ
وَالْقُرْءَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أَنْتَ ءَاخِذٌ
بِنَاصِيَتِهِ، أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَىءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ
فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَىءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَىءٌ، وَأَنْتَ
الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَىءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ
الْفَقْرِ". قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: "وَاسْتَدَلَّ
بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى نَفْيِ الْمَكَانِ عَنِ اللهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ"
وَأَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ: "وَمَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ
شَىءٌ وَلاَ بَعْدَهُ شَىءٌ لَمْ يَكُنْ فِي مَكَانٍ" مَعْنَاهُ اللهُ
مَوْجُودٌ بِلاَ مَكَانٍ. فَالِقَ الْحَبِّ
وَالنَّوَى أَيْ شَاقَّ الْحَبِّ عَنِ النَّبَاتِ وَالنَّوَى عَنِ النَّخْلِ،
أَنْتَ الأَوَّلُ أَيِ السَّابِقُ لِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ، وَأَنْتَ الآخِرُ
أَيِ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ الْمَوْجُودَاتِ، الظَّاهِرُ أَيْ بِوُجُودِهِ
وَمَصْنُوعَاتِهِ وَتَدْبِيرِهِ، كُلُّ شَىءٍ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِهِ،
والْبَاطِنُ أَيْ لاَ تُدْرِكُهُ الْعُقُولُ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَوَى
أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلِةِ إِزَارِهِ
فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ: بِاسْمِكَ رَبِّي
وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ
أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ".
فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ أَيْ يُحَرِّكْهُ لِيُنْفَضَ
لِيَزُولَ عَنْهُ الْغُبَارُ وَنَحْوُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا
وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا مَعْنَاهُ فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، إِنْ
تَوَفَّيْتَنِي فَارْحَمْنِي وَإِنْ أَبْقَيْتَنِي حَيًّا فَارْحَمْنِي.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي
الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ أَبِي زُهَيْرٍ الأَنْمَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ
مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: "بِسْمِ اللهِ وَضَعْتُ
جَنْبِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبِي، وَأَخْسِىءْ شَيْطَانِي، وَفُكَّ رِهَانِي،
وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِيِّ الأَعْلَى". وَفِي رِوَايَةٍ: "وَاجْعَلْنِي فِي الْمَلإِ الأَعْلَى". وَقَالَ
الْحَاكِمُ: هذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ.
وَأَخْسِىءْ شَيْطَانِي أَيِ اجْعَلْهُ مَهْزُومًا، وَفُكَّ رِهَانِي أَيْ
سَلِّمْنِي مِنَ الْعُقُوبَةِ، وَمَعْنَى الْمَلإِ الأَعْلَى الْمَلاَئِكَةُ فِي
السَّمَاءِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ
وَاللَّيْلَةِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا
أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: "الْحَمْدُ للهِ
الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَءَاوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لاَ
كَافِيَ لَهُ وَلاَ مُؤْوِي". كَفَانا
أَيْ يَسَّرَ لَنَا الرِّزْقَ وَءَاوَانَا مَعْنَاهُ جَعَلَ لَنَا مَأْوَى.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي
صَحِيحِهِ وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَأَحْمَدُ فِي
مُسْنَدِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدُّعَاءِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمَا أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلاً إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ أَنْ يَقُولَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلَقْتَ نَفْسِي وَأَنْتَ
تَتَوَفَّاهَا، لَكَ مَمَاتُهَا وَمَحْيَاهَا، إِنْ أَحْيَيْتَهَا فَاحْفَظْهَا،
وَإِنْ أَمَتَّهَا فَاغْفِرْ لَهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ".
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي
سُنَنِهِ وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَنْ نَوْفَلٍ
الأَشْجَعِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِقْرَأْ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ.
ثُمَّ نَمْ عَلَى خَاتِمَتِهَا فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ".
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ
وَغَيْرِهِمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ
كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا وَقَرَأَ فِيهِمَا: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾،
وَ: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾، وَ: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾.
ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى
رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ
مَرَّاتٍ. النَّفَثُ شَبِيهٌ بِالنَّفْخِ لَيْسَ
مَعَهُ رِيقٌ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنَ التَّفْلِ أَمَّا التَّفْلُ مَعَهُ رِيقٌ.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا تَعَارَّ مِنْ فِرَاشِهِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي
صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه فِي السُّنَنِ
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: لاَ
إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ، وَالْحَمْدُ للهِ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَلاَ
إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ
بِاللهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ
تَوَضَّأَ قُبِلَتْ صَلاَتُهُ". تَعَارَّ: بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيِ
اسْتَيْقَظَ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي
سُنَنِهِ وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَالْحَاكِمُ فِي
الْمُسْتَدْرَكِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا
اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: "لاَ إِلهَ
إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ، اللَّهُمَّ أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي، وَأَسْأَلُكَ
رَحْمَتَكَ، اللَّهُمَّ زِدْنِي عِلْمًا وَلاَ تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ
هَدَيْتَنِي وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ".
لاَ تُزِغْ قَلْبِي أَيْ لاَ تُمِلْهُ عَنِ الْحَقِّ
وَالْهُدَى.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ
وَابْنُ السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي
الدُّعَاءِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَعَارَّ مِنَ
اللَّيْلِ قَالَ: "لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ
الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا
الْعَزِيزُ الْقَهَّارُ". قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: هَذَا
حَدِيثٌ حَسَنٌ. تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ أَيِ اسْتَيْقَظَ بِاللَّيْلِ عِنْدَ
تَقَلُّبِهِ. الْعَزِيزُ
هُوَ الْقَوِيُّ الَّذِي لاَ يُغْلَبُ وَالْقَهَّارُ مَعْنَاهُ
الَّذِي قَهَرَ الْمَخْلُوقَاتِ بِالْمَوْتِ.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي
صَحِيحِهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى
فِرَاشِهِ قَالَ: "بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَحْيَا
وَأَمُوتُ"، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ: "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَمَا أَمَاتَنَا
وَإِلَيْهِ النُّشُورُ".
بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إِلَى السَّفَرِ
رَوَى مُسْلِمٌ
وَالْبَيْهَقِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَرْجِسٍ قَالَ: كَانَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ قَالَ:
"اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ
فِي الأَهْلِ، اللَّهُمَّ اصْحَبْنَا فِي سَفَرِنَا، وَاخْلُفْنَا فِي أَهْلِنَا،
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ
الْمُنْقَلَبِ، وَمِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ، وَمِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ،
وَمِنْ سُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الأَهْلِ وَالْمَالِ". وَمَعْنَى
الصَّاحِبِ فِي السَّفَرِ الْحَافِظُ، وَمَعْنَى كَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ سُوءُ
الاِنْقِلاَبِ وَمَعْنَى وَمِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ مِنَ النُّزُولِ
بَعْدَ الرِّفْعَةِ، وَمَعْنَى وَعْثَاءِ السَّفَرِ
شِدَّةُ النَّصَبِ وَالتَّعَبِ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ
وَأَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا
أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ فِي سَفَرٍ قَالَ: "اللَّهُمَّ
أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي
أَعُوذُ بِكَ مِنَ الضَّبْنَةِ فِي السَّفَرِ وَالْكَآبَةِ فِي الْمُنْقَلَبِ،
اللَّهُمَّ اقْبِضْ لَنَا الأَرْضَ وَهَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ". وَالضَّبْنَةُ الزَّمَانَةُ، وَالزَّمَانَةُ
الْمَرَضُ الَّذِي يَكْسِرُ صَاحِبَهُ كَالْفَالِجِ.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَاخَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ
رَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَه عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا
خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ قَالَ: "بِسْمِ اللهِ
تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ
أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ
أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ".
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ - أَيْ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ - بِسْمِ
اللهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، يُقَالَ
لَهُ: كُفِيتَ وَوُقِيتَ وَهُدِيتَ وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيْطَانُ". وَتَنْحَى عَنْهُ الشَّيْطَانُ أَيْ مَالَ عَنْهُ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرِ بنِ
عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا دَخَلَ
الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ دُخُولِهِ، وَعِنْدَ
طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ
فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ:
أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ طَعَامِهِ
قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ".
بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الْوَدَاعِ
رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا فَزَوِّدْنِي، قَالَ: "زَوَّدَكَ اللهُ التَّقْوَى" قَالَ: زِدْنِي،
قَالَ: "وَغَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ"،
قَالَ: زِدْنِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَالَ: "وَيَسَّرَ
لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُ مَا كُنْتَ".
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ
وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ
رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي
أُرِيدُ سَفَرًا فَأَوْصِنِي، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِيَدِهِ فَقَالَ لَهُ: "فِي حِفْظِ
اللهِ وَفِي كَنَفِهِ، زَوَّدَكَ اللهُ التَّقْوَى وَغَفَرَ ذَنْبَكَ، وَوَجَّهَكَ
فِي الْخَيْرِ حَيْثُمَا كُنْتَ أَوْ أَيْنَ مَا كُنْتَ" - شَكَّ
سَعِيدٌ فِي أَيَّتِهِمَا-. الْكَنَفُ هُوَ
السِّتْرُ.
رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا
أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا كَانَ إِذَا رَأَى
الرَّجُلَ وَهُوَ يُرِيدُ السَّفَرَ قَالَ لَهُ: ادْنُ مِنِّي حَتَّى أُوَدِّعَكَ
كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَدِّعُنَا، قَالَ:
فَيَقُولُ: "أَسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكَ
وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ". أَسْتَوْدِعُ
اللهَ دِينَكَ وَامَانَتَكَ أَيْ أَطْلَبُ مِنَ اللهِ أَنْ يَحْفَظَ دِينَكَ
وَأَمَانَتَكَ.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ
وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَرَادَ
أَنْ يُوَدِّعَ رَجُلاً فَقَالَ: أَلاَ أُعَلِّمُكَ يَا ابنَ أَخِي مَا
عَلَّمَنِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قُلْ: "أَسْتَوْدِعُكَ اللهَ الَّذِي لاَ تَضِيعُ وَدَائِعُهُ".
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى قَرْيَةً أَوْ مَكَانًا
وَأَرَادَ النُّزُولَ فِيهِ
رَوَى النَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ
وَالْحَاكِمُ عَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرَ قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا إِلاَّ قَالَ حِينَ
يَرَاهَا: "اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ
السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ، وَرَبَّ الأَرَضِينَ السَّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ،
وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ، وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَيْنَ،
فَإِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا، وَنَعُوذُ
بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا". وَمَا
أَظْلَلْنَ أَيْ وَمَا كَانَ تَحْتَ السَّمَوَاتِ، وَمَا أَقْلَلْنَ أَيْ وَمَا
كَانَ عَلَيْهَا، وَمَا ذَرَيْنَ أَيْ وَمَا تَحْمِلُ.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَه وَأَحْمَدُ
وَالْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ
رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا نَزَلَ أَحَدُكُمْ
مَنْزِلاً فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا
خَلَقَ، فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّهُ شَىءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ". حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ أَيْ يَنْتَقِلَ عَنْهُ.
بَابُ مَا يَقُولُ الْمُسَافِرُ إِذَا رَجَعَ مِنْ
سَفَرِهِ
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنِ الْبَرَاءِ بنِ
عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِذَا قَفَلَ مِنْ سَفَرٍ قَالَ: "ءَايِبُونَ
تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ". ءَابَ رَجَعَ وَالأَوَّابُ التَّائِبُ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمَا
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَرَأَى أَهْلَهُ قَالَ:
"تَوْبًا أَوْبًا وَإِلَى رَبِّنَا أَوْبًا لاَ
يُغَادِرُ عَلَيْنَا حَوْبًا". أَوْبًا:
مَعْنَاهُ رُجُوعًا، ءَابَ إِلَى اللهِ أَيْ رَجَعَ عَنْ ذَنْبِهِ، لاَ يُغَادِرُ
عَلَيْنَا حَوْبًا أَيْ لاَ يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الإِثْمِ وَمَعْنَى
الْحَوْبِ اكْتِسَابُ الْمَعْصِيَةِ.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا بَدَا لَهُ الْفَجْرُ وَهُوَ فِي سَفَرٍ
رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي
الدَّعَوَاتِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا
كَانَ فِي سَفَرٍ فَبَدَا لَهُ الْفَجْرُ قَالَ: "سَمِعَ
سَامِعٌ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ وَحُسْنِ بَلاَئِهِ عَلَيْنَا، رَبَّنَا
صَاحِبْنَا فَأَفْضِلْ عَلَيْنَا عَائِذًا بِاللهِ مِنَ النَّارِ".
يَقُولُ
ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَيَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ.
وَعِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ:
"إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ وَأَسْحَرَ".
وَمَعْنَى صَاحِبْنَا احْفَظْنَا، مِنْ بَابِ مَا يُوصَفُ بِهِ اللهُ وَلاَ
يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمًا فَلاَ يُقَالُ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الصَّاحِبُ.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اللهَ تَعَالَى
فِي أَوَّلِ طَعَامِهِ
رَوَى ابْنُ حِبَّانَ
وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَوَّلِ طَعَامِهِ
فَلْيَقُلْ حِينَ يَذْكُرُ بِسْمِ اللهِ فِي أَوَّلِهِ وَءَاخِرِهِ، فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ
طَعَامًا جَدِيدًا وَيَمْنَعُ الْخَبِيثَ مَا كَانَ يُصِيبُ مِنْهُ".
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ
وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فَإِنْ
نَسِيَ أَنْ يُسَمِّيَ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللهِ أَوَّلَهُ
وَءَاخِرَهُ".
بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الْفَرَاغِ
مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
إِذَا رُفِعَ الْعَشَاءُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ قَالَ: "الْحَمْدُ للهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ
مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا". غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ مَعْنَاهُ لاَ
أَسْتَطِيعُ أَنْ أَبْلُغَ الْغَايَةَ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَكَلَ أَوْ
شَرِبَ قَالَ: "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَطْعَمَ
وَسَقَى وَسَوَّغَهُ وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا". سَاغَ الشَّرَابُ سَهُلَ مَدْخَلُهُ فِي الْحَلْقِ، وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا مَعْنَاهُ أَنْزَلَهُ بِسُهُولَةٍ
مِنْ هَذَا الْمَخْرَجِ الضَّيِّقِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِذَا أَكَلَ طَعَامًا قَالَ: "الْحَمْدُ للهِ
الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ".
بَابُ الدُّعَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي يَبْتَغَى
فِيهَا
لَيْلَةُ الْقَدْرِ
رَوَى التِّرْمِذِيُّ
وَابْنُ مَاجَه وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ أَدْرَكْتُ لَيْلَةَ
الْقَدْرِ بِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: "قُولِي
اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي". الْعَفُوُّ هُوَ الَّذِي يَصْفَحُ عَنِ الذُّنُوبِ
وَيَتْرُكُ مُجَازَاةَ الْمُسِيءِ كَرَمًا وَإِحْسَانًا.
بَابُ مَا يَقُولُ الصَّائِمُ إِذَا أَفْطَرَ
رَوَى النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ
وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: "ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ
الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللهُ". وَابْتَلَّتِ
الْعُرُوقُ أَيِ ابْتَلَّتْ بَعْدَ الظَّمَإِ.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا أَكَلَ أَوْ أَفْطَرَ عِنْدَ قَوْمٍ
رَوَى مُسْلِمٌ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ عِنْدَ
أَبِيهِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ أَخَذَ لَهُ بِالرِّكَابِ وَقاَلَ: ادْعُ
اللهَ تَعَالَى لَنَا، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ
بَارِكْ لَهُمْ وَارْزُقْهُمْ وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ".
وَرَوَى النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ
وَاللَّيْلَةِ وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا
أَفْطَرَ عِنْدَ أَهْلِ بَيْتٍ قَالَ لَهُمْ: "أَفْطَرَ
عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ وَغَشِيَتْكُمُ الرَّحْمَةُ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ
الأَبْرَارُ، وَتَنَزَّلَتْ عَلَيْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ".
وَتَنَزَّلَتْ هَذَا يُقَالُ لَهُ تَأْنِيثُ اللَّفْظِ وَلَيْسَ تَأْنِيثًا
حَقِيقيًّا، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿قَالَتْ رُسُلُهُمْ﴾. الْغِشَاءُ الْغِطَاءُ وَغَشِيَتْهُ غِشْيَانًا نَزَلَتْ
عَلَيْكُمْ وَغَطَّتْكُمْ.
بَابُ خُطْبَةِ النِّكَاحِ
رَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَأَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ
وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: عَلَّمَنَا رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ: "الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ
وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ
فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ
إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا
عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللهَ
وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا﴾. إِلَى ءَاخِرِ الآيَةِ. [سُورَةَ الأَحْزَابِ/ 70]،
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ
تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [سُورَةَ ءَالِ عِمْرَانَ/ 102]، ﴿يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً
وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ
عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [سُورَةَ النِّسَاءِ/ 1].
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُهُمْ
رَوَى النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ
وَاللَّيْلَةِ وَابْنُ مَاجَه وَغَيْرُهُمَا عَنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
أَنَّ عَقِيلَ بنَ أَبِي طَالِبٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقِيلَ لَهُ: بِالرَّفَاءِ
وَالْبَنِينِ، فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ: "إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمْ
فَلْيَقُلْ لَهُ بَارَكَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَارَكَ فِيكَ".
بِالرَّفَاءِ أَيْ بِالإِصْلاَحِ، وَأَمَّا هَذِهِ الْجُمْلَةُ "بِالرَّفَاءِ
وَالْبَنِينِ" فَقَدْ نَصَّ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى كَرَاهِيَّتِهَا.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ
وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَّأَ الإِنْسَانُ - أَيْ إِذَا تَزَوَّجَ
- قَالَ: "بَارَكَ اللهُ لَكَ، وَجَمَعَ
بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ".
بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الْبِنَاءِ بِزَوْجِهِ
رَوَى النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ
وَاللَّيْلَةِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً
فَلْيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا وَلْيَقُلْ: أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهَا وَخَيْرِ مَا
جُبِلَتْ عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ".
خَيْرِ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ: أَيْ خَيْرِ
الأَخْلاَقِ.
بَابُ مَا يَقُولُهُ عِنْدَ الْجِمَاعِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ: بِسْمِ
اللهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا
رَزَقْتَنَا، فَيُولَدُ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يُصِبْهُ الشَّيْطَانُ أَبَدًا".
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا
أَوْ مَا أَشْبَهَهُ
أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه
وَأَحْمَدُ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ لَبِسَ
ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ
عَوْرَتِي وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي
أَخْلَقَ فَتَصَدَّقَ بِهِ كَانَ فِي حِفْظِ اللهِ وَفِي كَنَفِ اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ، وَفِي سِتْرِ اللهِ حَيًّا وَمَيِّتًا". أَخْلَقَ أَيْ أَبْلَى، مَا
أُوَارِي بِهِ: أَسْتُرُ، أُخَبِّىءُ، أُخْفِي، وَارَاهُ: أَخْفَاهُ، الْكَنَفُ
السِّتْرُ، كَنَفُ اللهِ وَسِتْرُهُ مَعْنًى وَاحِدٌ جَرَى ذِكْرُهُ
لِلتَّأْكِيدِ.
بَابُ مَا يَقُولُ لأَِخِيهِ إِذَا رَأَى عَلَيْهِ
ثَوْبًا جَدِيدًا
رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ
أُمِّ خَالِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَ: "مَنْ تَرَوْنَ نَكْسُوهَا هَذِهِ الْخَمِيصَةَ؟"
فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: "ائْتُونِي بِأُمِّ
خَالِدٍ". فَأُتِيَ بِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَأَلْبَسَنِيهَا بِيَدِهِ وَقَالَ: "أَبْلِي
وَأَخْلِقِي". مَرَّتَيْنِ. الْخَمِيصَةُ
كِسَاءٌ أَسْوَدُ مُعَلَّمُ الطَّرَفَيْنِ وَيَكُونُ مِنْ خَزٍّ أَوْ صُوفٍ، أَخْلَقَ أَيْ أَبْلَى.
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّياحِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ
وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو يَعْلَى عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا هَاجَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ
قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ
خَيْرِ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ".
هَاجَتْ رِيحٌ أَيْ هَبَّتْ رِيحٌ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الرِّيحُ مِنْ
رَوْحِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ،
فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلاَ تَسُبُّوهَا وَسَلُوا اللهَ خَيْرَهَا،
وَاسْتَعِيذُوا بِهِ مِنْ شَرِّهَا".
قَوْلُهُ: "مِنْ
رَوْحِ اللهِ" أَيْ رَحْمَةِ اللهِ بِعِبَادِهِ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا
وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا
وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ".
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ
وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ صَيِّبًا هَنِيئًا". اجْعَلْهُ صَيِّبًا هَنِيئًا أَيْ اجْعَلْ هَذَا الْمَطَرَ
صَيِّبًا قَوِيًّا هَنِيئًا أَيْ كَثِيرَ النَّفْعِ.
بَابُ تَلْقِينِ الْمَيِّتِ، وَمَا يُقَالُ عِنْدَ
حُضُورِ الْمَيِّتِ
رَوَى مُسْلِمٌ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لاَ إِلهَ إِلاَّ الله".
وَرَوَى مُسْلِمٌ
وَالْبَيْهَقِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى
أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شُقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ. فَصَاحَ
نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ: لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ
فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ، ثُمَّ قَالَ:
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَِبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ،
وَأَخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ
الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ افْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ".
وَأَخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ أَيِ
احْفَظْ ذُرِّيَّتَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، أَفْسَحَ لَهُ فِي قَبْرِهِ أَيْ
وَسَّعَ لَهُ قَبْرَهُ.
بَابُ مَا يُقَالُ فِي تَدْلِيَةِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ
عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "إِذَا وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ فِي قُبُورِهِمْ فَقُولُوا:
بِسْمِ اللهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
تَدْلِيَةُ الْمَيِّتِ أَيْ إِنْزَالُهُ، وَعَلَى
سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ نَتْبَعُ سُنَّةَ
النَّبِيِّ فِي هَذَا الْفِعْلِ.
بَابُ الاِسْتِرْجَاعِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ
رَوَى مُسْلِمٌ
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا
قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ: إِنَّا
للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي
وَأَخْلِفْنِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ ءَاجَرَهُ اللهُ تَعَالَى فِي مُصِيبَتِهِ
وَأَخْلَفَهُ خَيْرًا مِنْهَا".
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ زِيَارَةِ الْقُبُورِ
رَوَى مُسْلِمٌ وَابْنُ
مَاجَه وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا
إِلَى الْمَقَابِرِ فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ: "السَّلاَمُ
عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إِنْ
شَاءَ اللهُ لَلاَحِقُونَ". وَمَعْنَى
أَهْلِ الدِّيَارِ سَاكِنِيهَا.
وَرَوَى مُسْلِمٌ
وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: "السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا
إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلاَحِقُونَ".
وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا
وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "السَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُسْلِمِينَ، يَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا
وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلاَحِقُونَ".
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ
فِي سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَرَّ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبُورِ الْمَدِينَةِ فَأَقْبَلَ
عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: "السَّلاَمُ
عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ، يَغْفِرُ اللهُ لَنَا وَلَكُمْ، أَنْتُمْ
سَلَفُنَا وَنَحْنُ بِالأَثَرِ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ
غَرِيبٌ.
بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْكَرْبِ وَالشَّدَائِدِ
رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَأَحْمَدُ
وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
لَقَّانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ
وَأَمَرَنِي إِنْ نَزَلَ بِي كَرْبٌ أَوْ شِدَّةٌ أَنْ أَقُولَهُنَّ: "لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ الْكَريِمُ الْحَليِمُ،
وَسُبْحَانَهُ وَتَبَارَكَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ". الْكَريِمُ هُوَ
الْكَثِيرُ الْخَيْرِ فَيَبْدَأُ بِالنِّعْمَةِ قَبْلَ الاِسْتِحْقَاقِ
وَيَتَفَضَّلُ بِالإِحْسَانِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثَابَةٍ، الْحَلِيمُ هُوَ ذُو
الصَّفْحِ وَالأَنَاةِ الَّذِي لاَ يَسْتَفِزُّهُ غَضَبٌ وَلاَ عِصْيَانُ
الْعُصَاةِ، وَالْحَلِيمُ هُوَ الصَّفُوحُ مَعَ الْقُدْرَةِ. قَالَ تَعَالَى:
﴿وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾. [سُورَةَ الْحَجِّ].
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ
وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: "إِذَا طَلَبْتَ حَاجَةً فَأَحْبَبْتَ أَنْ تَنْجَحَ فَقُلْ:
لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، لاَ
إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْحَلِيمُ الْكَريِمُ، ثُمَّ سَلْ
حَاجَتَكَ".
وَرَوَى مُسْلِمٌ
وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ قَالَ: "لاَ
إِلهَ إِلاَّ اللهُ الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ
الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَريِمِ، لاَ
إِلهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ
الْعَظِيمِ"، ثُمَّ يَدْعُو. وَمَعْنَى حَزَبَهُ أَصَابَهُ وَاشْتَدَّ
عَلَيْهِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَابْنُ مَاجَه وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ
عُمَيْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ: "اللهُ اللهُ رَبِّي لاَ أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا".
أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ هِيَ زَوْجَةُ جَعْفَرِ
بنِ أَبِي طَالِبٍ الطَّيَّار، ثُمَّ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمْ.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ
عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَاعَهُ شَىءٌ قَالَ: "اللهُ
رَبِّي لاَ أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا".
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْكُبْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: "لاَ إِلهَ
إِلاَّ اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ
الْعَظِيمِ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ رَبُّ
الْعَرْشِ الْعَظِيمِ".
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي
السُّنَنِ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَابْنُ حِبَّانَ
وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ:
اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ،
أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ". طَرْفَةَ عَيْنٍ: رَفَّةِ الأَهْدَابِ، شَأْنِي أَيْ
حَالِي.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ
وَأَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْوَةُ ذِي النُّونِ الَّتِي دَعَا بِهَا فِي بَطْنِ
الْحُوتِ: لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ،
لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ فِي كُرْبَةٍ إِلاَّ اسْتَجَابَ اللهُ لَهُ".
بَابُ الدُّعَاءِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ
رَوَى التِّرْمِذِيُّ
وَالْحَاكِمُ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ لِرَجُلٍ: أَلاَ
أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلٍ لأَدَّاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ
عَنْكَ قُلْ: "اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلاَلِكَ
عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ".
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ
حَجَرٍ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ
وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: قُولِي: "اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ
الْعَظِيمِ، رَبَّنَا رَبَّ كُلِّ شَىءٍ مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ
وَالْقُرْءَانِ الْعَظِيمِ، أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَىءٌ وَأَنْتَ
الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَىءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَىءٌ،
وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَىءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا
مِنَ الْفَقْرِ". وَمَعْنَى قَوْلِهِ
"أَنْتَ الأَوَّلُ" أَنَّ اللهَ مَوْجُودٌ لاَ ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ
وَلاَ شَىءَ لاَ ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ إِلاَّ اللهُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ »أَنْتَ
الآخِرُ« أَنَّ اللهَ مَوْجُودٌ لاَ نِهَايَةَ لِوُجُودِهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ
»وَأَنْتَ الظَّاهِرُ« أَنَّ كُلَّ شَىءٍ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ اللهِ، وَمَعْنَى
قَوْلِهِ »وَأَنْتَ الْبَاطِنُ« أَنَّ اللهَ احْتَجَبَ عَنِ الأَوْهَامِ فَلاَ
تُدْرِكُهُ. وَقَدِ اسْتَدَلَّ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِقَوْلِهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »وَأَنْتَ
الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَىءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَىءٌ«
أَنَّ اللهَ مَوْجُودٌ بِلاَ مَكَانٍ.
بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ
مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، مُجْرِي السَّحَابِ، هَازِمَ
الأَحْزَابِ، اهْزُمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ". سَرِيعَ
الْحِسَابِ أَيِ الْمُجَازَاةِ، اهْزُمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ أَي اغْلِبْهُمْ
وَرُدَّهُمْ خَاسِرِينَ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ
وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا غَزَا قَالَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَأَنْتَ نَصِيرِي وَبِكَ
أُقَاتِلُ". أَنْتَ عَضُدِي أَيِ
الْمُعِينُ وَالنَّاصِرُ، وَأَنْتَ نَصِيرِي أَيِ أَعِنِّي وَقَوِّنِي.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَافَ قَوْمًا
رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ حِبَّانَ
وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ وَنَعُوذُ
بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ". وَمَعْنَى
قَوْلِهِ "كَانَ إِذَا خَافَ
قَوْمًا" أَيْ كَانَ إِذَا خَافَ الْخَوْفَ الطَّبِيعِيَّ، وَلَيْسَ خَوْفَ
الْجُبْنِ لأَِنَّهُ مَعْصُومٌ مِنْهُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ "نَجْعَلُكَ فِي
نُحُورِهِمْ" نَطْلُبُ مِنْكَ أَنْ تُعِينَنَا عَلَيْهِمْ.
بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ الْغَضَبِ
رَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو
دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ صُرَدٍ قَالَ: اسْتَّبَ رَجُلاَنِ
عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا
تَحْمَّرُ عَيْنَاهُ وَتَنْتَفِخُ أَوْدَاجُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لأَعْرِفُ كَلِمَةً
لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ
الرَّجِيمِ". الاِسْتِعَاذَةُ مَعْنَاهَا
أَسْتَجِيرُ بِاللهِ لِيَحْفَظَنِي مِنَ الشَّيْطَانِ، وَمَعْنَى الرَّجِيمِ الْمَرْجُومُ وَالرَّجْمُ الْقَتْلُ
وَأَصْلُهُ الرَّمْيُّ بِالْحِجَارَةِ وَهُنَا مَعْنَاهُ الْمَلْعُونُ.
بَابُ الدُّعَاءِ بِتَثْبِيتِ الْقَلْبِ عَلَى
طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ
رَوَى مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ
مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ اصْرِفْ قُلُوبَنَا إِلَى طَاعَتِكَ، وَعِنْدَ
غَيْرِهِمَا: يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ
قَلْبِي عَلَى دِينِكَ".
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ وَسْوَسَةِ الصَّدْرِ
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ
فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [سُورَةَ
فُصِّلَتْ/ 36].
رَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَأْتِي
الْعَبْدَ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا، حَتَّى يَقُولَ
لَهُ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَلْيَسْتَعِذْ
بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلْيَنْتِهِ".
مَعْنَاهُ لِيَنْشَغِلْ عَنْ هَذَا الْخَاطِرِ وَلاَ يَسْتَرْسِلْ فِيهِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو
دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ يَزَالُ
النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ
الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللهَ تَعَالَى، فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ
فَلْيَقُلْ: ءَامَنْتُ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ أَيْضًا: فَلْيَقُلْ: ءَامَنْتُ بِاللهِ
عَزَّ وَجَلَّ وَبِرُسُلِهِ".
بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمُبْتَلَى
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ
عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَأَى مُبْتَلَى
فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَى هَذَا بِهِ
وَفَضَّلَنِي عَلَيْهِ وَعَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً، عَافَاهُ اللهُ
عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْبَلاَءِ كَائِنًا مَا كَانَ".
بَابُ مَا جَاءَ فِي رُقْيَةِ الْمَرِيضِ
وَمَا يُقَالُ إِذَا عَادَهُ
رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ
وَغَيْرُهُمْ أَنَّ عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى
جِبْرِيلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ
حَسَدِ حَاسِدٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ، وَاسْمُ اللهِ يَشْفِيكَ". أَرْقِيكَ أَيْ
رَقَيْتُكَ، عَوَّذْتُكَ بِاللهِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَتَى النَّبِيَّ
فَقَالَ: اشْتَكَيْتَ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ:
نَعَمْ، فَقَالَ: "بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ مَا يُؤْذِيكَ، وَمِنْ
شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ وَعَيْنٍ، اللهُ يَشْفِيكَ، بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ".
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ قَالَ: "أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ
الشَّافِي، اشْفِ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا"، وَفِي رِوَايَةِ
مُسْلِمٍ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
إِذَا عَادَ مَرِيضًا مَسَحَ وَجْهَهُ وَصَدْرَهُ بِيَدِهِ وَقَالَ: "أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ
الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا".
عَادَ مَرِيضًا أَيْ زَارَهُ، وَمَعْنَى أَذْهِبِ الْبَأْسَ أَيْ أَذْهِبِ الْمَرَضَ، لاَ
يُغَادِرُ سَقَمًا مَعْنَاهُ شِفَاءً تَامًّا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ
وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَنَّ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: ابْنَ
أَخِي أَلاَ أَرْقِيكَ بِرُقَيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قَالَتْ: "بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ وَاللهُ
يَشْفِيكَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِيكَ، أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ وَاشْفِ
أَنْتَ الشَّافِي لاَ شَافِيَ إِلاَّ أَنْتَ". أَنْتَ الشَّافِي أَيْ خَالِقُ الشِّفَاءِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
إِذَا اشْتَكَى الإِنْسَانُ الشَّىءَ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ بِهِ قُرْحَةٌ أَوْ
جُرْحٌ قَالَ النَّبِيُّ بِاصْبَعِهِ هَكَذَا. وَوَضَعَ أَبُو بَكْرٍ سَبَّابَتَهُ
بِالأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَهَا وَقَالَ: "بِسْمِ
اللهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا تُشْفِي سَقِيمَنَا بِإِذْنِ
رَبِّنَا". وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ: »أَخَذَ تُرَابًا فَجَعَلَ
فِيهِ مِنْ رِيقِهِ ثُمَّ جَعَلَهُ عَلَيْهِ«. الْقَرْحُ
بِالْفَتْحِ الْجِرَاحُ وَالْقُرْحُ بِالضَّمِّ أَلَمُ الْجِرَاحِ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ
وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ فَقَالَ: أَسْأَلُ اللهَ
الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يُعَافِيَكَ، إِلاَّ عُوفِيَ مَا لَمْ
يَحْضُرْ أَجَلُهُ".
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ
حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عُثْمَانَ بنِ أَبِي الْعَاصِ أَنَّهُ شَكَا إِلَى
رَسُولِ اللهِ وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ فَقَالَ لَهُ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ضَعْ
يَدَكَ عَلَى الَّذِي يَأْلَمُ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ: بِسْمِ اللهِ ثَلاَثًا، وَقُلْ
سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ"،
وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَه وَغَيْرِهِ: "بِسْمِ
اللهِ أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ سَبْعَ
مَرَّاتٍ". الْحَذَرُ وَالْحِذْرُ
التَّحَرُّزُ.
بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا خَدِرَتْ رِجْلُهُ
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي
الأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ سَعْدٍ قَالَ: خَدِرَتْ رِجْلُ
ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: اذْكُرْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْكَ فَقَالَ:
"يَا مُحَمَّدُ". وَمَعْنَى يَا مُحَمَّدُ أَيْ تَوَجَّه يَا مُحَمَّدُ
إِلَى اللهِ لِيُذْهِبَ عَنِّي هَذَا الشَّلَلَ. وَمَا حَصَلَ مِنْ هَذَا
الصَّحَابِيِّ الْجَلِيلِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي قَالَ عَنْهُ الرَّسُولُ: "إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ"، دَلِيلٌ عَلَى
جَوَازِ الاِسْتِغَاثَةِ بِالأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لأَِنَّ قَوْلَهُ: يَا
مُحَمَّدُ اسْتِغَاثَةٌ وَيُسَمَّى ذَلِكَ تَوَسُّلاً أَيْضًا.
وَرَوَاهُ ابْنُ
السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بِنَحْوِهِ بِغَيْرِ سَنَدِ
الْبُخَارِيِّ وَفِيهِ: "فَقَالَ: يَا مُحَمَّدَاهُ، فَقَامَ فَمَشَى".
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى فِي مَنَامِهِ
شَيْئًا يَكْرَهُهُ
رَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الرُّؤْيَا
الصَّالِحَةُ مِنَ اللهِ، وَالرُّؤْيَا السُّوءُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأَى
رُؤْيَا فَكَرِهَ مِنْهَا شَيْئًا فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاَثًا
وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ وَلاَ
يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا، فَإِنْ رَأَى رُؤْيَا حَسَنَةً فَلْيَسْتَبْشِرْ وَلاَ
يُخْبِرْ بِهَا إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ"، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى
لِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا
رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاَثًا
وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مَنَ الشَّيْطَانِ ثَلاَثًا، وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ
جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ". النَّفْثُ
شَبِيهٌ بِالنَّفْخِ وَهُوَ أَقَلُّ مِنَ النَّفْخِ، فَلْيَسْتَبْشِرْ أَيْ
يَرْجُو خَيْرَهَا وَيُؤَمِّلُ خَيْرًا، وَلْيَتَحَوَّلْ أَيْ يَنْتَقِلْ.
بَابُ الاِسْتِخَــــارَةِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ
وَغَيْرُهُمَا عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ
كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْءَانِ يَقُولُ: "إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ
رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي
أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ
فَضْلِكَ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ وَتَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ وَأَنْتَ
عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ خَيْرًا لِي
فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَءَاجِلِهِ
فَاقْدِرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ شَرًّا
لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ فِي عَاجِلِ أَمْرِي
وَءَاجِلِهِ فَاصْرِفُهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدِرْ لِيَ الْخَيْرَ
حَيْثُ كَانَ وَرَضِّنِي بِهِ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ بِاسْمِهَا". عَاقِبَةُ كُلِّ شَىءٍ ءَاخِرُهُ، عَاجِلِ أَمْرِي
وَءَاجِلِهِ أَيْ حَاضِرِ أَمْرِي وَمُسْتَقْبَلِهِ مَا أَحْتَاجُهُ الآنَ وَمَا
أَحْتَاجُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَاقْدِرْهُ لِي أَيْ يَسِّرْهُ لِي، وَرَضِّنِي
بِهِ أَيِ اجْعَلْنِي مِمَّا يَقْنَعُ بِذَلِكَ وَلاَ يَعْتَرِضُ، اجْعَلْنِي
رَاضِيًا بِهِ.
بَابٌ فِيمَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
وَمَا أَمَرَ أَنْ يُسْتَعَاذَ مِنْهُ
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ
مِنْ حُلُولِ الْبَلاَءِ وَمِنْ دَرْكِ الشَّقَاءِ وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ".
وَمَعْنَى دَرْكِ الشَّقَاءِ أَنْ يَلْحَقَنِي
الشَّقَاءُ، وَمَعْنَى وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ أَيِ اكْفِنِي شَمَاتَةَ
الأَعْدَاءِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: "اللَّهُمَّ
إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ".
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: "اللَّهُمَّ
إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ،
وَفَجْأَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ". وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ أَيْ ذَهَابِ عَافِيَتِكَ، وَفَجْأَةِ
نِقْمَتِكَ أَيْ نُزُولِ الْبَلاَءِ فَجْأَةً.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ،
وَمِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى وَالْفَقْرِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنَ الْخَطَايَا
بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، اللَّهُمَّ أَنْقِ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا
يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي
وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ،
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ
وَالْمَغْرَمِ". نَقِيَ الشَّىءُ
بِالْكَسْرِ نَقَاوَةً بِالْفَتْحِ فَهُوَ نَقِيٌّ أَيْ نَظِيفٌ، وَهُنَا
مَعْنَاهُ طَهِّرْ قَلْبِي، وَمَعْنَى الْهَرَمِ كِبَرُ السِّنِّ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ
وَابْنُ مَاجَه وَغَيْرُهُما عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهَا أَنْ تَقُولَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ
عَاجِلِهِ وَءَاجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ
مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَءَاجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ
أَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِمَّا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ،
وَأَعُوذُ بِكَ مِمَّا عَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَأَسْأَلُكَ
الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ
النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلِ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ
تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا". وَالْقَضَاءُ
مَعْنَاهُ الْخَلْقُ وَلَيْسَ قَضَاءُ اللهِ تَعَالَى حَادِثًا وَإِنَّمَا نَقُولُ
تَخْلِيقُ اللهِ أَزَلِيٌّ وَالْمَخْلُوقُ حَادِثٌ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ
وَغَيْرُهُ عَنْ زَيْدِ بنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لاَ أَقُولُ
لَكُمْ إِلاَّ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ
لاَ يَنْفَعُ، وَدُعَاءٍ لاَ يُسْمَعُ، وَنَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ، وَقَلْبٍ لاَ
يَخْشَعُ".
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ
وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ كَعْبِ بنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ
يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ
الْهَرَمِ وَالتَّرَدِّي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَمِّ وَالْغَرَقِ وَالْحَرِيقِ
وَالْهَدْمِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ، وَأَعُوذُ بِكَ
أَنْ أُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا".َمَعْنَى الْهَرَمِ كِبَرُ السِّنِّ، وَالتَّرَدِّي
السُّقُوطُ مِنْ أَعْلَى، وَمَعْنَى الْهَدْمِ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ الدَّارُ
مَثَلاً، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ أَيْ أَعُوذُ بِكَ مِنْ
أَنْ يَمَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِأَذًى، مُدْبِرًا أَيْ فَارًّا مِنَ الزَّحْفِ،
لَدِيغًا أَيْ بِلَدْغَةِ عَقْرَبٍ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ
وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ
إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ
الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ
مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ".
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ
وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ قُطْبَةَ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهَؤُلاَءِ
الْكَلِمَاتِ: "اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي
مُنْكَرَاتِ الأَخْلاَقِ وَالأَعْمَالِ وَالأَهْوَاءِ وَالأَدْوَاءِ".
وَالأَدْوَاءُ جَمْعُ دَاءٍ وَهُوَ الْمَرَضُ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ
إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ
وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ
فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ". وَفِي رِوَايَةٍ: "وَضِلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ".
وَمَعْنَى ضِلَعِ الدَّيْنِ أَيْ شِدَّتِهِ وَثِقَلِ حَمْلِهِ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ
لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو
بِهِ فِي صَلاَتِي، قَالَ: "قُلِ اللَّهُمَّ
إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ
أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ".
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ
أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ
مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَشَتَّى الأَسْقَامِ". الْبَرَصُ دَاءٌ جِلْدِيٌّ مَعْرُوفٌ، وَالْجُذَامُ مَرَضٌ
يَقْطَعُ اللَّحْمَ وَيُسْقِطُهُ. وَشَتَّى الأَسْقَامِ أَيْ مُخْتَلَفِ
الأَمْرَاضِ.
بَابٌ فِي كَفَّارَةِ الْمَجْلِسِ
رَوَى أَبُو دَاوُدَ
وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ مِنَ
الْمَجْلِسِ قَالَ: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ
وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ
إِلَيْكَ".
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ
وَالْحَاكِمُ عَنْ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ
قَالَ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ
أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، فَقَالَهَا
فِي مَجْلِسِ ذِكْرٍ كَانَتْ كَالطَّابَعِ يُطْبَعُ عَلَيْهَا، وَمَنْ قَالَهَا
فِي غَيْرِ مَجْلِسِ ذِكْرٍ كَانَتْ كَفَّارَةً". كَالطَّابَعِ يُطْبَعُ عَلَيْهَا أَيْ كَالْخَتْمِ.
بَابُ مَا جَاءَ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا عَطَسَ
أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الْحَمْدُ للهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ:
يَرْحَمُكَ اللهُ، وَيَقُولُ يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ".
بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ دُخُولِ السُّوقِ
رَوَى التِّرْمِذِيُّ
وَابْنُ مَاجَه وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عُمَرَ بنِِ الْخَطَّابِ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"مَنْ قَالَ فِي سُوقٍ مَنْ هَذِهِ الأَسْوَاقِ
لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ
الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ
عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ، كَتَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ،
وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، وَبَنَى لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ".
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ صِيَاحَ الدِّيكِ
وَنَهِيقَ الْحِمَارِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"إِذَا سَمِعْتُمُ الدِّيَكَةَ تَصِيحُ بِاللَّيْلِ
فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا فَاسْأَلُوا اللهَ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ، وَإِذَا
سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَإِنَّهَا رَأَتْ شَيْطَانًا فَاسْتَعِيذُوا
بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ".
بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ بِالشَّهَادَةِ
رَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو
دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ سَأَلَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ الشَّهَادَةَ صَادِقًا
مِنْ قَلْبِهِ بَلَّغَهُ اللهُ تَعَالَى مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ
عَلَى فِرَاشِهِ".
بَابُ فِي النَّهْيِ عَنِ الدُّعَاءِ بِالْبَلاَءِ
رَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ
عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: عَادَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً قَدْ صَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ فَقَالَ لَهُ:
"هَلْ كُنْتَ تَدْعُو اللهَ بِشَىءٍ
وَتَسْأَلُهُ إِيَّاهُ"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كُنْتُ أَقُولُ:
اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي
الدُّنْيَا، فَقَالَ: "سُبْحَانَ اللهِ لاَ
تَسْتَطِيعُهُ لَوْ قُلْتَ: ﴿رَبَّنَا ءاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي
الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ
وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَة وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَلِيٍّ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: »دَخَلَ عَلِيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضٌ وَأَنَا أَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَجَلِي قَدْ
حَضَرَ فَأَرِحْنِي، وَإِنْ كَانَ ءَاجِلاً فَارْفَعْنِي، وَإِنْ كَانَ بَلاَءً
فَصَبِّرْنِي، فَقَالَ: "مَا قُلْتَ؟"
فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ عَافِهِ أَوِ اشْفِهِ". فَمَا
اشْتَكَيْتُ ذَلِكَ الْوَجَعَ بَعْدُ«.
بَابُ مَا يُقَولُ عِنْدَ غَلْقِ الأَبْوَابِ
وَإِيكَاءِ السِّقَاءِ وَتَخْمِيرِ الآنِيَةِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ فَكُفُّوا
صِبْيَانَكُمْ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ فَإِذَا ذَهَبَتْ
سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ، وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ
اللهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا، وَأَوْكُوا
قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ، وَخَمِّرُوا ءَانِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ
اللهِ وَلَوْ أَنْ تَعْرِضُوا عَلَيْهِ شَيْئًا، وَاطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ".
تَخْمِيرُ الآنِيَةِ أَيْ تَغْطِيَتُهَا، جُنْحُ
اللَّيْلِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا ظَلاَمُهُ وَاخْتِلاَطُهُ،
فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ أَيْ امْنَعُوهُمْ، فَخَلُّوهُمْ أَيِ
اتْرُكُوهُمْ، اطْلِقُوهُمْ. التَّخْمِيرُ التَّغْطِيَةُ، يُقَالُ خَمِّرْ
إِنَاءَكَ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ
جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "غَطُّوا
الإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا
وَبَاءٌ لاَ يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ أَوْ سِقَاءٌ لَيْسَ
عَلَيْهِ وِكَاءٌ إِلاَّ نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ". السِّقَاءُ يَكُونُ لِلَّبَنِ وَالْمَاءِ، وَالْقُرْبَةُ
تَكُونُ لِلْمَاءِ خَاصَّةً، الْوِكَاءٌ هُوَ الْخَيْطُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ
الْكِيسُ أَوِ الْحَبْلُ الَّذِي يُسَدُّ بِهِ رَأْسُ الْقُرْبَةِ.
فَهْرَس
الْمُقَدِّمَةُ
بَابُ جَامِعِ الدَّعَوَاتِ
بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ ذِكْرِ
اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالدُّعَاءِ
بَابٌ فِي فَضْلِ قَوْلِ لاَ إِلهَ
إِلاَّ الله
بَابٌ فِي فَضْلِ قَوْلِ لاَ حَوْلَ
وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ
بَابٌ فِي فَضْلِ التَّسْبِيحِ
وَالتَّحْمِيدِ
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجَوَامِعِ مِنَ
التَّسْبِيحِ
بَابُ مَا جَاءَ فِي الاِسْتِغْفَارِ
بَابٌ فِي فَضْلِ الصَّلاَةِ عَلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَابُ اسْتِحْبَابِ عَزيِمَةِ
الْمَسْأَلَةِ لِلدَّاعِي إِذَا دَعَا
بَابُ مَا يُرْجَى عَمَلُهُ لإِجَابَةِ
الدُّعَاءِ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا أَرَادَ
الدُّخُولَ إِلَى الْخَلاَءِ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنَ
الْخَلاَءِ
بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ الْفَرَاغِ
مِنَ الْوُضُوءِ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا تَوَجَّهَ
إِلَى الْمَسْجِدِ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا أَرَادَ
دُخُولَ الْمَسْجِدِ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ
بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ الاِنْتِهَاءِ
إِلَى الصَّفِّ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ
الأَذَانَ أَوِ الإِقَامَةَ
بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ اسْتِفْتَاحِ
الصَّلاَةِ
بَابُ أَذْكَارِ الرُّكُوعِ
بَابُ مَا يَقُولُهُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ
مِنَ الرُّكُوعِ وَفِي اعْتِدَالِهِ
بَابُ أَذْكَارِ السُّجُودِ
بَابُ الْقَوْلِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
بَابُ دُعَاءِ الْقُنُوتِ
بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّشَهُدِ
الأَخِيرِ
بَابُ مَا يُقَالُ فِي دُبُرِ
الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ بَعْدَ السَّلاَمِ
بَابُ مَا يُقَالُ دُبُرَ صَلاَةِ
الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ
بَابُ الْقَوْلِ فِي التَّهَجُّدِ
بِاللَّيْلِ
بَابُ مَا يُقَالُ عَقِيبَ الْوِتْرِ
بَابُ مَا يُقَالُ عَقِيبَ صَلاَةِ
الضُّحَى
بَابٌ فِي صَلاَةِ الْحَاجَةِ
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ الصَّبَاحِ
وَعِنْدَ الْمَسَاءِ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا طَلَعَتِ
الشَّمْسُ
بَابُ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ عِنْدَ
النَّوْمِ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا تَعَارَّ مِنْ
فِرَاشِهِ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا اسْتَيْقَظَ
مِنْ مَنَامِهِ
بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ الْخُرُوجِ
إِلَى السَّفَرِ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنْ
بَيْتِهِ
بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الْوَدَاعِ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى قَرْيَةً
أَوْ مَكَانًا وَأَرَادَ النُّزُولَ فِيهِ
بَابُ مَا يَقُولُ الْمُسَافِرُ إِذَا
رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا بَدَا لَهُ
الْفَجْرُ وَهُوَ فِي سَفَرٍ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا نَسِيَ أَنْ
يَذْكُرَ اللهَ تَعَالَى فِي أَوَّلِ طَعَامِهِ
بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الْفَرَاغِ
مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ
بَابُ الدُّعَاءِ فِي اللَّيْلَةِ
الَّتِي يَنْبَغِي فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ
بَابُ مَا يَقُولُ الصَّائِمُ إِذَا
أَفْطَرَ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا أَكَلَ أَوْ
أَفْطَرَ عِنْدَ قَوْمٍ
بَابُ خُطْبَةِ النِّكَاحِ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا تَزَوَّجَ
أَحَدُهُمْ
بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الْبِنَاءِ
بِزَوْجِهِ
بَابُ مَا يَقُولُهُ عِنْدَ الْجِمَاعِ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا لَبِسَ ثَوْبًا
جَدِيدًا أَوْ مَا أَشْبَهَهُ
بَابُ مَا يَقُولُ لأَِخِيهِ إِذَا
رَأَى عَلَيْهِ ثَوْبًا جَدِيدًا
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ هُبُوبِ
الرِّيحِ
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ نُزُولِ
الْغَيْثِ
بَابُ تَلْقِينِ الْمَيِّتِ، وَمَا
يُقَالُ عِنْدَ حُضُورِ الْمَيِّتِ
بَابُ مَا يُقَالُ فِي تَدْلِيَةِ
الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ
بَابُ الاِسْتِرْجَاعِ عِنْدَ
الْمُصِيبَةِ
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ زِيَارَةِ
الْقُبُورِ
بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْكَرْبِ
وَالشَّدَائِدِ
بَابُ الدُّعَاءِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ
بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ لِقَاءِ
الْعَدُوِّ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَافَ قَوْمًا
بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ الْغَضَبِ
بَابُ الدُّعَاءِ بِتَثْبِيتِ الْقَلْبِ
عَلَى
طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ وَسْوَسَةِ
الصَّدْرِ
بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ رُؤْيَةِ
الْمُبْتَلَى
بَابُ مَا جَاءَ فِي رُقْيَةِ
الْمَرِيضِ وَمَا يُقَالُ إِذَا عَادَهُ
بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا
خَدِرَتْ رِجْلُهُ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى فِي
مَنَامِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ
بَابُ الاِسْتِخَـارَةِ
بَابُ فِيمَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمَا أَمَرَ أَنْ يُسْتَعَاذَ مِنْهُ
بَابٌ فِي كَفَّارَةِ الْمَجْلِسِ
بَابُ مَا جَاءَ فِي تَشْمِيتِ
الْعَاطِسِ
بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ دُخُولِ
السُّوقِ
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ صِيَاحَ
الدِّيكِ وَنَهِيقِ الْحِمَارِ
بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ
بِالشَّهَادَةِ
بَابُ فِي النَّهْيِ عَنِ الدُّعَاءِ
بِالْبَلاَءِ
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ غَلْقِ
الأَبْوَابِ وَإِيكَاءِ السَّقَاءِ وَتَخْمِيرِ الآنِيَةِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق